لعب العلماء المسلمون دورا كبيرا في المساهمة في بناء الحضارة الانسانية وتقدمها، ومن هؤلاء محمد بن موسى الخوارزمي، اول من اطلق كلمة «الجبر» على هذا العلم المعروف بهذه التسمية حتى الآن، وعن ذلك يقول قدري حافظ طوقان في كتابه «الخالدون العرب»: «ظهر الخوارزمي في عصر المأمون، وكان ذا مقام كبير عنده، فأحاطه بضروب من الرعاية والعناية وولاه منصب بيت الحكمة، كما جعله على رأس بعثة علمية الى الافغان بقصد البحث والتنقيب.
اصله من خوارزم، واقام في بغداد حيث اشتهر وذاع صيته وانتشر اسمه بين الناس، وبرز في الرياضيات والفلك، وكان له اكبر الاثر في تقدمهما وارتقائهما، فهو اول من استعمل علم الجبر بشكل مستقل عن الحساب وفي قالب منطقي علمي، كما انه اول من استعمل كلمة «الجبر» للعلم المعروف بهذا الاسم، ومن هنا أخذ الافرنج هذه الكلمة واستعملوها في لغاتهم algebra، وكفاه فخرا انه اول من ألف كتابا في الجبر هو «الجبر والمقابلة» وهو علم يعد من اعظم اوضاع العقل البشري لما يتطلب من دقة واحكام في القياس»، ويضيف قدري: «ولهذا الكتاب قيمة تاريخية وعلمية، فعليه اعتمد علماء العرب في دراساتهم عن الجبر، ومنه عرف الغربيون هذا العلم، وكذلك لهذا الكتاب شأن عظيم في عالم الفكر والارتقاء الرياضي، ولا عجب فهو الاساس الذي شيد عليه تقدم الجبر ولا يخفى ما لهذا الفرع الجليل من اثر في الحضارة من ناحية الاكتشاف والاختراع اللذين يعتمدان الى حد كبير على المعادلات والنظريات الرياضية».
ويؤكد قدري، ان الفضل يرجع للخوارزمي في تعريف الناس بالارقام الهندية وفي وضع بحوث الحساب بشكل علمي لم يسبق اليه «بحيث يصبح القول ان الخوارزمي وضع علم الجبر وعلمه وعلم الحساب للناس اجمعين».