كتاب ومؤلف
الخراز: الإسلام دعا إلى التزيّن والتطيّب ونهى عن خروج المرأة من بيتها متعطرة لما فيه من فتنة
الطيب والتطيب سنة نبوية كريمة وشعيرة إسلامية حميدة، قال صلى الله عليه وسلم فيها «حبب لي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة»، وفي حديث آخر حث فيه على قبول الطيب حيث قال «من عرض عليه الطيب فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة»، فحري بالمسلم ان يهتدي بهدي نبيه صلى الله عليه وسلم ويستن بسنن الفطرة الداعية إلى حب كل ما هو جميل. فكم من إنسان طاب ذكره بالطيب وأحبه الناس بعطره، وفي المقابل كم من إنسان نفر الناس من مجالسته بسبب شعث شعره أو نتن ثوبه أو خبث مأكله، فللطيب آثار حسنة نفسية كانت او عضوية، تفرح الناس وتنعش الروح، هذا ما أكده الداعية خالد الخراز في لقائه مع «الأنباء» حول الهدي النبوي الكريم في الطيب والبخور. لكن ما هي الأحكام الشرعية المتعلقة بالطيب والتطيب؟ وما هي آدابه؟ وهل يشرع التطيب للصائم في نهار رمضان؟ أسئلة عديدة يجيب عليها الخراز في مؤلفه «الدرر المنثور في أحكام الطيب والبخور»، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
حدثنا عن أهمية الموضوع الذي تناوله كتابكم وعن الحافز الذي دفعك لهذا التأليف؟
ان النفس البشرية جبلت على محبة شم الطيب والبخور والريحان والعطور لأنها من المفرحات للنفس، المقويات للبدن، وروائحها متنوعة، وما من أحد إلا ويحب شم الطيب ويفرح به، وينفر من الروائح الكريهة وتشق عليه، قال تعالى (والحب ذو العصف والريحان)، وقال سبحانه أيضا (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من عرض عليه ريحان، فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة» رواه مسلم.
ولذا دعا الإسلام إلى التزين والتطيب لاسيما في مجامع الناس، وحذر من تجاهل الأبدان بالاغتسال والطيب، أو المجيء إلى مجامع الناس بروائح البصل والثوم، ومما يتأذى منه بنو آدم، وحسبك مدحا من المهن حامل المسك، وبائع الورد إن لم تشتر منه أصبت العطر الفواح، حتى قيل «إن أسعد المهن مهنة العطار وأن السعداء هم العطارون»، وليس أطيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، وحسبك أن عرقه طيب.
ولما رأيت أن للعطر والطيب والبخور من الأحكام الكثيرة التي يجهلها بعض الناس جمعت هذا الكتاب المختصر، فضمنته جملة من هذه الأحكام الشرعية مدعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة بعبارة جزلة واسلوب رفيع، وسميته «الدرر المنثور في أحكام الطيب والبخور»، والذي اطلع عليه مشكورا العلامة الشيخ د.صالح بن غانم السدلان وأثنى عليه خيرا وأعجب به.
الأطياب في العهد النبوي
ما هي الأطياب المستعملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟
المسك ويستخرج من الغزال وهو أطيب الطيب وأجود أنواعه، قال تعالى (يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، وفي الحديث النبوي «أطيب الطيب المسك»، وكذلك العنبر ويستخرج من أمعاء حوت العنبر، ومن خصائصه أنه لا يدخله التغيير على طول الزمان، والكافور وهو نوع من الشجر، والورس وهو نبت، والخلوق والذريرة والريحان والزعفران والدهن والعود والعبير.
آداب
هل هناك من آداب في الطيب والتطيب يستحب للمسلم العمل بها؟
من هذه الآداب قبول الطيب وعدم رده، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وضع الطيب في وجه الرجل، فالرجل يطيب رأسه ولحيته وبدنه وثوبه، وكذلك من الآداب تطيب المرأة زوجها، والتيامن في وضع الطيب.
حكمه
إذن ما حكم الطيب والتطيب في الشريعة الإسلامية؟
الأصل في الطيب والعطر والبخور الاستحباب، ويختلف الحكم بحسب الأحوال، فيستحب مثلا لمن أراد شهود صلاة الجمعة أن يتطيب، وقد أكد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحث عليه، وفي الحديث «اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وان لم تكونوا جنبا وأصيبوا من الطيب».
شبهة ورد
ما بال المرأة تمنع من الخروج متطيبة، ويؤذن للرجل وهو متعطر، أليس الطيب يثير المرأة أيضا ويحرك الشهوة عندها؟
الأصل في المرأة القرار في البيت كما ان الأصل في الرجل الخروج وطلب الرزق، فهو الذي يخالط الناس ويسعى ويكدح فمن هنا جاء النهي للمرأة بعدم الخروج متعطرة، ولانها مرغوب فيها لذا منعت حفاظا عليها هذا من جهة، ومن جهة اخرى أحكام الشريعة مبنية على العموم، فكل ما هو خير للأفراد تحله الشريعة، وكل ما هو شر تحرمه.
وما هو عام للمرأة انها إذا خرجت متعطرة فإنها مثار للفتنة بصرف النظر أن بعض الرجال قد لا يغريهم ذلك، كذلك العكس، أما إذا كان هناك بعض العطور تؤدي إلى فتنة، فهذا لا يجوز، والنهي ليس باعتبار المبدأ العام عدم جواز استعمال الطيب، ولكن باعتبار أن كل ما هو مثار للفتنة ويؤدي إلى فتنة لا يجوز، يمنع منه الرجال والنساء على حد سواء.
أما الرجل فالعموم انه ليس مثارا للفتنة عند عامة النساء، فلم يمنع من التطيب، كما ان الأصل فيه الخروج، اما اذا استعمل طيبا وعطرا يثير الفتنة وخرج فيه فانه يمنع من ذلك بصرف النظر عن حالة شاذة قد تؤدي الى ذلك، والله اعلم.
العطر في رمضان
لكن ما حكم تطيب الصائم في نهار رمضان؟
اختلف في حكم استعمال الروائح العطرة في نهار رمضان مثل البخور وغيره، فمن قائل بالفطر في شمه، لأن له جرما أي جسم يدخل إلى الجوف، أما تعطير الثياب فلا بأس به، ومن قائل بعدم الفطر في شم الدخان المتصاعد من البخور كشيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا ذهب العلامة ابن عثيمين الى ان الطيب جائز للصائم في اول النهار وفي آخره، سواء كان بخورا أو دهنا أو غير ذلك إلا أنه لا يستنشق البخور لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة، إذا استنشق تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، لكننا نقول من ابتعد عنه بالاستنشاق المباشر كان لدينه أحوط، وعما يحيك في صدره أبعد، ولكن مع ذلك لا نقول لمن تعطر أو تطيب أو تبخر أنه أفطر.
بدع الطيب
هل هناك عادات سيئة ومعتقدات باطلة وبدع محدثة في التطيب بالطيب يجب على المسلم الحذر منها؟
نعم، منها على سبيل المثال اعتقاد أن «الشبة والحرمل أو السويدة» تطرد الجن والشياطين من البيت، وكل ذلك مما لا أصل له في الدين، استخدام المشعوذين البخور علامة على دجلهم، فإنه ليس من أساليب العلاج ولا من الطب النبوي للمصابين في العين أو السحر أو المس استخدام الطيب، ومن المحدثات عند العامة عدم وضع الطيب، أو البخور عند أذان المغرب يوم الأربعاء، ومنها أيضا تطييب القبر ورشه بماء الورد أو تجميره أو وضع الطيب عليه، فإن ذلك من البدع المحدثة المحرمة التي لم يرد فيها نص شرعي، وأخيرا وضع الطيب والبخور للحامل لتسهيل عملية الولادة.
مصنفات في الطيب
هل هناك مصنفات خاصة في الطيب وفضله وأحكامه؟
المصنفات في الطيب والبخور كثيرة، وهذه بعض ما وقفت عليه، أولها «تحفة الحبيب في فوائد الطيب» لأبي الفداء محمد عرب علي كمال، و«لباب الألقاب في ألقاب الأطياب» للساوجي، و«لباب العقول في طهارة العطور» لعيسى المانع، و«ترويح الأريب في آداب وأحكام وأنواع الطيب» لإسحق بن بشر، و«المقامة الطيبة» للسيوطي.
قارئ للقرآن
القصار: اهتمام الإعلام يقتصر على المغنين دون القراء والحفاظ لكتاب الله.. وأنشطة حلقة المتميزين دفعتني لإتمام حفظ القرآن
حفظ كلام الله عز وجل في الصدور لا يقتصر على طلبة المعاهد الدينية أو الدارسين في الكليات الشرعية، إنما هو شرف ووسام يحرص عليه كل مسلم يرجو ثواب الله، فلا حرج من وجود طبيب أو مهندس أو تاجر يتردد على حلقات القرآن الكريم ويحرص على تحسين تلاوته.
هذا ما أكده القارئ أحمد جاسم القصار في لقائه مع «الأنباء»، كما أرجع الفضل فيما وصل إليه في حفظه للقرآن إلى الله عز وجل ثم أنشطة مبرة المتميزين وحلقاتها في تحفيظ القرآن الكريم وتجويده، معاتبا في الوقت نفسه وزارة الإعلام على دورها السلبي في عدم تشجيع القراء والحفاظ، مكتفية بالاهتمام بالمغنين والمغنيات، وفيما يلي نص اللقاء:
متى بدأت بحفظ القرآن الكريم ومتى أتممته؟
بدأت بحفظ قصار السور من القرآن منذ المرحلة الابتدائية، وفي سن 8 سنوات أتممت جزأي عم وتبارك عبر حلقة المسجد، وكانت سورة الإسراء من اوائل السور الطوال التي حفظتها وأنا في اولى متوسط لكونها مقرر احدى المسابقات المدرسية، وهكذا استمررت ولم انقطع، ففي كل سنة أتم جزأين أو ثلاثة اجزاء، وفي المرحلة الثانوية دخلت الى مرحلة جديدة عبر حلقة المتميزين بمنطقة اليرموك في مسجد المشاري، وكان من أبرز نشاطاتها رحلة المدينة التي تقام في كل صيف، وكان أول صيف شاركت فيه عام 2004م، وكانت مدة الرحلة 22 يوما، ومقرر الدورة حفظ خمسة أجزاء، لأختم بذلك نصف القرآن، واستمررت معهم من العام الذي بعده لأحفظ 5 أجزاء جديدة، وكذلك في العام الثالث 7 أجزاء، وفي 2006 ختمت القرآن كله، وكان آخر حزب حفظته وسمعته في مكة المكرمة.
ولاشك أن للأسرة الدور الاكبر في تشجيعي وتحفيزي على الحفظ حتى أتممت القرآن كله، ويكفي تواصل دعمهم ومتابعتهم ودعاء الوالدين، لكن تبقى المشكلة التي يعاني منها الكثيرون وهي المراجعة، فيجب علينا معاهدة القرآن مصداقا للقول النبي صلى الله عليه وسلم «تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها»، وليس هناك عذر لمن يهمل المراجعة، فعلى من ختم القرآن حفظا مراجعة جزء على أقل تقدير كل يوم، لكي لا يمر عليه شهر إلا ويكون قد مر على المصحف كله.
حلقة المتميزين
إذن أنت استفدت جدا من مبرة المتميزين، فحدثنا عن سر نجاحهم معك؟
حلقة المتميزين التابعة لمبرة المتميزين مشهود لها بعنايتها بتحفيظ القرآن الكريم وكفاءة مشايخها والمشرفين عليها، فتجد التدقيق على الحفظ والمراجعة، كما نرى جودة الطلبة الملتحقين في حلقاتها، وأكبر دليل على عظم مجهود القائمين عليها تلك المشاريع الصيفية الكبيرة في المدينة التي يقيمونها دون أن يدفع المشارك فيها سوى مبالغ رمزية جدا.
هل حرصت على نيل سند في القرآن الكريم؟
حاليا أنا في طور إتمام قراءة القرآن لأخذ السند والإجازة فيه من الشيخين محمد حسام سبسبي وفواز الدومان، وأسأل الله التوفيق والإعانة.
لا تعارض
أنت حافظ لكتاب الله تعالى مع ذلك اخترت كلية العلوم الإدارية تخصص تمويل ولم تختر المجال الشرعي في دراستك، ألا يوجد في ذلك تعارض؟
لا ارى في ذلك اي تعارض، دراستي الجامعية القصد منها الوظيفة، بينما حفظي للقرآن القصد منه اخروي بإذن الله، كما أنه ليس هناك من مانع يمنع الطبيب أو المهندس أو التاجر من حفظ كتاب الله عز وجل، فبه ترى البركة والفتوحات.
اهتمامهم بالمغنين
ما رأيك بمستوى وزارتي الأوقاف والشؤون الإسلامية والإعلام في تشجيع الشباب لحفظ القرآن الكريم والاهتمام بالقراء الكويتيين المتميزين؟
أجد أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من اكبر الداعمين لحفظ القرآن الكريم وتشجيع القراء والحفاظ، وذلك عبر إقامتها للمسابقات وغيرها من الأنشطة، وفي المقابل نرى التهميش من وزارة الاعلام والإعلام بشكل عام حيث يقتصر اهتمامهم على المغنين فقط، فالكويتي الذي فاز في مسابقة دبي الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده ورفع اسم الكويت في ذلك المحفل لم نر له في الصحف سوى خبر في ربع صفحة وبالأبيض والأسود.
إلى من توجه كلمة أخيرة أو نصيحة عبر «الأنباء»؟
أوجه نصيحة لأولياء الأمور أن يحثوا أبناءهم على حلقات القرآن، ففيها خيرا الدنيا والآخرة، ويكفيهما أجرا وفضلا أن الابن يلبس والديه تاج الوقار يوم القيامة كما في الحديث النبوي، كما أحث الشباب على اغتنام هذه الأيام من شهر رمضان شهر القرآن بالانكباب على تلاوة القرآن وتدبر معانيه، فهذه فرصة كون رمضان هذا العــــــام يأتـــي في اجازة.
صفحات نوافذ الأنباء الرمضانية كاملة في ملف ( pdf )