بسمة ونوض
في الجهة الأولى الشاعرة الجميلة والخلوقة نوض سدير شاعرة امتازت بالشعر الأصيل، خاضت مجال الإعداد الصحافي، لها العديد من الكتابات والمقالات القيمة، أسست رابطة «حياتي دعوة» والتي جمعت فيها خبرات شعرية رفيعة المستوى، وفي جهتنا الأخرى الشاعرة والكاتبة والرسامة بسمة الخالدي، صاحبة الإحساس المترف في نقش القصيدة بألوان إحساسها الزاهي، خاضت تجربة الصحافة كذلك مما جعل للمواجهة اليوم طابعا مميزا:
بسمة الخالدي: يؤسفني أن من يشككون في شعر المرأة لم يصلوا لمرحلة النضج العقلي الحقيقي
نوض سدير: حقيقة الشكوك تطول حتى الشاعر
كيف ترين تجربتك في الصحافة؟
بسمة:حتى الآن أرى أني لم أعط كل ما أملك لعالم الصحافة.. ولم أظهر امكانياتي فعلا.. ولكني أؤمن بأن «مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة».. لذلك أحب أن آخذ الأمور بروية.. وبخطوات ثابتة وصحيحة.. بالإضافة الى أني لا أحب أن أصل إلى حد الرضا عن كل ما أعمله لأن هذه المرحلة قد تبطئ تقدمي بشكل أو آخر.. فالرضا الجزئي مهم جدا لزرع الثقة أولا وللحث على العمل والوصول إلى الرضا التام.
نوض: أراها كالمصباح فقد ألقت الضوء على الكثير الذي يسكن الغياهب ورأيت بفضل الله ثم بفضلها رموزا ونقوشا قد حفرت على جدر باطنها الألم وظاهرها الإبداع وأسفرت عن وجه آخر للساحة الشعبية لم أكن لأراه لولا المصابيح.
أين ترين الأقلام النسائية في الوقت الراهن خصوصا بعد التقارب الثقافي الحاصل كما هو الحال في الشبكة العنكبوتية؟
بسمة: الأقلام النسائية المبدعة موجودة وبازدهار.. وسهل وصولها الشبكة العنكبوتية.. كنشر بأريحية تامة.. وكمواجهة الجمهور بشكل مباشر، وبالطبع التقارب الثقافي والامتزاج الفكري ـ اللذان يعتبران من حسنات تلك الشبكة ـ. ساهما إلى حد كبير في نضوج عقلية المبدعات وتنميتها.. والاندماج مع المجتمع والثقافات الأخرى.. بعقل واع وفكر نير وسليم.. وهي بمثابة المجالس الأدبية للرجال.
نوض: أولا الأقلام النسائية في الشبكة العنكبوتية كالدرر المبثوثة بين لآلئ بلاستيكية.. فقد اختلط الحابل بالنابل، ورغم إيماني بأن التعددية في المناهج الأدبية الثقافية في الساحة أمر يثري الساحة لكن كما ذكرت نتيجة لكثرة الغث لم يعد لهذا التقارب الثقافي أي نكهة أو مزية وأرى أن الأقلام النسائية تعاني كثيرا من سلبيات موجودة في الساحة الأدبية منذ زمن ليس بقصير ولم تعالج وكم أتمنى وجود جهة رسمية تعنى بالشاعرات وحقوقهن الأدبية والشخصية ولحل تلك السلبيات.
ما بين الشعر والكتابة كيف ترين نفسك وتعطين كل ذي حق حقه؟
بسمة: أرى نفسي في الشعر كما في الكتابة.. وان كان المجال في الكتابة أكثر حرية.. ورحابة للتعبير بلا قيود وزنية وغيرها.. ولكن كـ(حق).. فكل منهما له وقته وفكرته التي تناسبه وطريقة العرض الملائمة للفكرة ..الخ.
وكذلك لكل منهما دربه..حيث أرى أن الشعر يميل أكثر للعاطفة بكافة أشكالها.. والكتابة تميل للعقل والفكر.. ومن الممكن ان يسير احدهما أحيانا في درب الآخر. لذلك يمكنني القول انهما مكملان لبعضهما البعض ويسيران معا في خط متواز لتحقيق نفس الهدف.
نوض: الشعر يغذي روحي.. يتغلغل في عزلتي.. تحت جلدي.. يتنفسني.. ويرتل أوجاعي، أما الكتابة فهي غذاء يشبع العقل بأيدلوجيات، بعقائد، بإيمانيات ويجعلك تتحرك في نطاق أوسع فالصفحات موطنك وفارسك القلم يحمل أفكارك وآراءك رايات إلى العقول من شاء آمن بها ومن شاء كفر. وبالنسبة لعطائي في كل منهما المواقف هي التي تحدد أيا منهما أحتضن.. ولكن أجدني لم أبخس حق احدهما.
«شاعرة حقيقية» كيف ترين أنها شاعرة حقيقية ولماذا الشكوك تدور فقط حول الشاعرة دون الشاعر؟
بسمة: الشعر تعبير عن مشاعر تختلج النفس.. صيغت بلغة شعرية صحيحة، متى ما كانت أقرب إلى الصدق ستقنعك كمتلق.. ويندرج تحت مفهوم الصدق.. صدق العاطفة وصدق التعبير.. وصدق النفس الشعري خلف الكلمات.. فروح الأنثى تشعر بها من خلال نصوصها مهما اختلفت الأغراض.. لذلك متى ما وصلت لمرحلة مفهوم الشعر كما أراه.. أراها شاعرة حقيقية بـ «اسم حقيقي او مستعار» أما عن الشكوك بعمومها.. فأنا أرفض مبدأ الافتراضية بالظن السيئ شكلا ومضمونا.. ما يهمنا كمتذوقي شعر أن نقرأ شعرا جنيا يسرنا وان كانت كل الامور ستتضح لأن النخبة يستطيعون تمييز النشاز الذي قد يصدر من أسلوب قصائد غير الحقيقيين. ويؤسفني أن من يشككون في شعر المرأة لم يصلوا لمرحلة النضج العقلي الحقيقي.. لفهم حقيقة ان الموهبة بعمومها عمياء لا تفرق بين ذكر وأنثى.. بل تسكن الأرواح التي تألفها أيا كانت.
نوض: حقيقة الشكوك تطول حتى الشاعر فالشاعر الآن توجه له أصابع الاتهام بأن هناك من يكتب له وإن لم يجدوا مفرا من ذلك وجهوا الإبداع لشيطان شعره، وكذلك الشاعرة وهذه هي الساحة كثيرة إشاعاتها، والشاعرة الحقيقية هي التي تجدين في قصائدها أنفاسها لا تجدين بصمات أنامل رجالية كما نرى في الكثير من القصائد التي تعج بالساحة الشعرية تحت أسماء نسائية مستعارة.
كيف ترين الشعر مابين الحداثة والتجدد وأين تجدين نفسك؟
بسمة: بعيدا عن تلك المصطلحات التي لم يتفق العرب على مفهومها.. أجدني أقرب لـ «اللغة البيضاء» وللفكرة المحددة وللأسلوب السلس البسيط الواضح الذي يشعرك بتعبير صادق وشعور حقيقي.
نوض: الآن دخل الشعر في عصر مابعد الحداثة وقد نجح في معالجة نواقص الحداثة وأنا لست ضد التجديد بالعكس أنا مع التجديد في النص والكلمات والأسلوب حتى في الأوزان لأن الجيل الحالي قادر على خلق جديد يضيفه للساحة الشعرية، وأجد نفسي في الكلمة والشعور الصادق سواء كان بأسلوب تجديدي أو كلاسيكي لأن الكلمات والشعور المنمق لا يصل إلى القلب بل تشعر بأنه تحفة جوفاء تسر الناظر لكن لا تعني له شيئا بعكس الشعور الصادق.
اتجاه الشعراء والشاعرات نحو التكسب المادي مما أدى إلى امتهان الشعر وضع خطير هل توافقين على ما يحصل؟
بسمة: على الصعيد الشخصي أشمئز من هذا الأمر فهذا الأمر غير مقبول بالنسبة لي ولن نستطيع تغيير هذا الأمر أبد الشعر «إنك لا تهدي من أحببت».
ولكن لنكن واضحين مع انفسنا.. فهذا الأمر كان موجودا في التاريخ وكان بعض الشعراء ـ كما نعرف جميعا ـ يسترزقون من شعرهم في بلاط الخلفاء.. إذن هو ليس بالأمر الغريب أو الطارئ.
نوض: بالتأكيد لا أوافق لكن أعتقد لم يلجأ لذلك إلا نتيجة لوضع اقتصادي واجتماعي يصرح له بيع مشاعره عوضا عن الاستجداء.
الشعر رسالة سامية وأخلاق أسمى ـ هي رسالة حامله بلاشك ـ إذن بات الكل يحمل الفضيلة في مدينة فاضلة ـ فأين يختبئ أصحاب النفوس الضعيفة؟!
بسمة: الشعراء لم يأتوا من كوكب ملائكي.. ولم يرضعوا الطهر في سنينهم الأولى.. هم كالآخرين تماما.. فيهم الصالح وفيهم من يدعي الصلاح وفيهم الطالح.
و«كل إناء بما فيه ينضح».. فإن لم ينضح في قصائدهم فسينضح من أفعالهم وتصرفاتهم وطريقة تعاملهم عاجلا او آجلا.
نوض: بالعكس في الشعر تتغرب الرسائل وتتوه وتتعثر فالبعض ينشره طلبا للشهرة ولحصد إعجاب البنات والبعض ينشره لتسيد مكانة لا يتوقع أن يصلها إلا بشعره.. سقطت الفضائل فأصبح البعض يتهرب من انتمائيته للشعر باسم مستعار ولا يظهر اسمه الحقيقي إلا تحت قصيدة وطنية.
رسالة عتب.. رسالة شوق.. رسالة شكر.. لمن تبعثي كلا منها؟
بسمة: رسالة عتب.. لمن يطبل ويقف خلف الأقلام المهترئة ويتجاهل الراقية والمتميزة منها لأغراض مختلفة.. نحتاج فعلا لنزاهة الرأي.
رسالة شوق للكل قلم راق ابتعد عن ساحة الشعر لاستيائه مما يحصل بها.
رسالة شكر.. لك على هذا الفرصة الجميلة للالتقاء بقراء «واحة الأنباء» المتميزة دوما أتمنى فعلا أن أكون خفيفة على الوقت وثقيلة في ذاكرة الجمهور الواعي.
نوض: رسالة عتب إلى الشاعرة ريمية فغيابها عن الإشراف على ملف نسائي شعري يعني خسارة كبيرة لنا، فديدنها الظهور لمن يستحق الظهور، فقط رسالة شوق إلى الشاعرة غيوض فقد تقنا إلى جديدها المتفرد.
رسالة شكر إلى تلك الإنسانة التي تهدي الشتاء وجه النور الغالية معربة الجدين، شكرا لأنك هنا.
من نفائح حنيني
نوض سدير ..هذه الشاعرة التي استطاعت أن تتوج نفسها مع قافلة شاعرات مبدعات يحسب لهن ألف حساب في الساحة الشعرية، شاعرة تمتلك لغة شعرية خاصة بها دون غيرها.. وبصمتها واضحة كل الوضوح في الشبكة العنكبوتية.. وفي مجال الإعداد الصحافي.
-
مابغيت أرضي يباس ولابغيت أوراق تدمي
-
وآهتي مابي ألمها يخترق صدر صبور
-
بس وجدي هز روح ذابلة بعده وتظمى
-
لين طول بي عناي وزاد بي صمت القبور
-
لي حنين صار قصة (فاقدن طرفيه) أعمى
-
دك روحي في عصاة هيضت فيني شعور
-
قالوا ان الحلم وردي بس حظي منه ظلمى
-
والأماني في مهدها تنقتل من غير شور
-
داخلي معنى حنيني اعظم احساس واسمى
-
من غرام في ظروفه عاش مبتور الجذور
-
كل مابنسى حنيني تزهر بروحي وتنمى
-
لهفة عتمة جفاها حلمها تحقيق نور
-
كن وصلي كف رمل وانت مثل الريح تهمى
-
وشمس توديعك تمرجح بين غيبات وحضور
-
موعدك شيب تحفه صورة التجعيد جمى
-
بعد قطع ارقاب عذرك.. الوفا صابه كسور
-
صارت أشواقي شتات في مدار التيه ترمى
-
وحدها الذكرى مداين للوفا وحس مهجور
-
لو كتمت احساس قلبي ما هي مشكلة تسمى
-
البلا لا صار خد التيه بالدمع مغمور
-
لو حنيني جاء قصيدة تنكتب وتزيل همي
-
صغتها لوكان حزني صار جمهور وحضور
الشاعرة/ نوض سدير