كيف صوّر الفلكيون القدامى الكون؟
ان فهم الكون وتصوره، كما يبدو للعلماء في أيامنا، أصعب بكثير من فهمه وتصوره كما رآه القدماء وتخيلوه، فاليوم لا نعتبر الكون مقتصرا على الارض والمنظومة الشمسية، بل يشمل المجرة التي تشكل منظومتنا الشمسية جزءا منها (درب التبان او درب اللبانة)، وكل المجرات الاخرى. وفي مجرتنا وحدها حوالي (200.000.000.000) مائتي مليار نجم، هذا مع العلم ان هناك ملايين المجرات الاخرى تنتشر في الكون، ان خيال الانسان لا يستطيع ان يستوعب هذا الامتداد الهائل كله.
اما في العصور القديمة فكانت لدى الناس صورة مبسطة عن الكون، كانوا يعتقدون ان الشمس والقمر والنجوم والكواكب اجرام غير كبيرة تدور حول الارض، كانوا يعتقدون من خلال المظاهر التي بدت لأعينهم ان الارض مسطحة ثابتة شاسعة تتوسط الكون وتعلوها قبة سماوية ترصعها آلاف النجوم التي تلمع في الليل.
اعتقد اليونانيون القدامى ان الارض ثابتة في مركز الكون، وكان فيثاغورس الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد اول من اشار الى كروية الارض، لكنه ظل يعتقد انها مركز الكون وأنها ثابتة لا تدور.
ثم جاء اريستارخوس الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد وقال ان الارض كروية تدور على محورها وتدور في الوقت نفسه حول الشمس الثابتة، غير ان فلكيا آخر اسمه بطليموس جاء في القرن الثاني بعد الميلاد وألف كتابا اسمه المجسطي (هكذا عرب المترجمون العرب كلمة الماجست اليونانية ومعناها الاكبر، وقد ترجمه الى العربية حنين بن اسحق في العصر العباسي)، قال بطليموس في كتابه ان الارض في مركز الكون، وحاول ان يبين كيف تدور الشمس والقمر والكواكب حول الارض، وكان لهذا الكتاب تأثير كبير على الناس فسادت نظريته طوال اربعة عشر قرنا.
في العام 1543 جاء كوبرنيكوس العالم البولوني وقال ان الشمس هي مركز الكون وان الارض والقمر والكواكب تدور حولها، وبعد اختراع المرقب الفلكي صار باستطاعة الانسان ان يكون فكرة افضل عن الكون، وبنتيجة تجمع المعلومات وتكاثرها تطورت فكرتنا عن الكون وتقدمت تدريجيا.
(من كتاب: الموسوعة العلمية المبسطة ـ عجائب الكون وغرائبه)