يعيش «السامريون» في وئام تام مع الفلسطينيين وهم أناس بسطاء ولا يمكن تمييزهم عن العرب ويتحدثون العربية بطلاقة، بل إن الكاهن يوسف صدقة وهو شقيق الكاهن الأكبر للسامريين عبدالمعين صدقة الذي توفي منذ حوالي عام يؤكد أن السامريين عرب يعتزون بعروبتهم.. وقد يكون في ذلك شيء من المبالغة أو المجاملة لأن الصحيح أن السامريين ينحدرون من 3 أسباط يعودون ليعقوب عليه السلام: وهي سبط لاوي من سلالة هارون عليه السلام (سبط الكهنة)، ومن سبطين آخرين هما سبط إفرايم وسبط منسي من سلالة يوسف عليه السلام.
والسامريون يعتبرون أنفسهم من سلالة بني إسرائيل لكنهم ليسوا يهودا حيث ان لهم توراتهم المتميزة عن توراة اليهود.
وقال الكاهن السامري اسحاق عمران ـ في لقاء على جبل جرزيم مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله ـ إن كلمة سامري أصلها (شامري) أي المحافظ على الدين الموسوي.. كما أن التوراة السامرية تتألف من 5 أسفار هي التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية، وهي مختلفة عن توراة اليهود في اللفظ والمعنى.
وأطلع الكاهن إسحاق موفد الوكالة على نسخة قديمة من التوراة السامرية يرجع عهدها الى عدة قرون وهي مكتوبة على أعمدة 3 من اليمين الى اليسار بلغات 3 هي العبرانية القديمة والارامية والعربية.
وعلى جبل جرزيم يعيش نحو 800 سامري هم مجموع أفراد الطائفة السامرية في العالم.. وكان السامريون يعيشون في مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية ومازالت بيوتهم قائمة فيها حتى الآن ولكنهم هجروها في الثمانينيات، وصعدوا الى جبل جرزيم الذى يعتبرونه الجبل المقدس عندهم وهم يخالفون في ذلك اليهود الذين يقدسون مايطلقون عليه «جبل الهيكل» ويقصدون بذلك الحرم القدسي الشريف.
وكان صعودهم الى هذا الجبل بسبب ارتفاع أسعار الأراضي في مدينة نابلس مما دفعهم جميعا الى بناء مساكن جديدة على جرزيم.. ولابد للوصول الى الحي السامري من اجتياز حاجز عسكري للاحتلال الإسرائيلي، بسبب مستعمرة «براخا» اليهودية على جبل جرزيم.
وتقع مدينة نابلس التي تعد من أكبر المدن الفلسطينية بين جبلين هما جبل عيبال وجبل جرزيم.. وفي نابلس بلدة قديمة مسقوفة مثل البلدة القديمة في القدس وفيها سوق شهير حيث تنشط فيها الحياة التجارية، كما أن فيها جامعة النجاح.
والكاهن اسحاق عمران من سلالة اللاويين الكهنة ولهذا فإن أبناء هذه السلالة يعتبرون كهنة منذ ولادتهم، ثم يتم اختيار الكاهن الاكبر من بينهم.. والكاهن الأكبر الراحل للسامريين اليعازر صدقة أو عبدالمعين صدقة هو ابن عم الكاهن اسحاق عمران.
وعبدالمعين صدقة صاحب مؤلفات مهمة بالعربية عن السامريين..كما أنه نشر ترجمة عربية للتوراة السامرية أنجزها العالم السامري أبوالحسن الصوري وهي في مخطوط بتاريخ 360 هجرية.. ومن مؤلفاته كتاب موجز عن السامريين قدم له الشاعر الفلسطيني لطفي زغلول الذي كان من أصدقائه.
وأكد الكاهن اسحاق عمران أن والده الذي كان صديقا لوزير اسرائيلي أخبره بأن هذا الوزير قال ان مخطوطات قمران التي عثر عليها راع للأغنام عام 1947 في كهف قرب البحر الميت تشهد بصحة الموقف السامري وأن جبل «جرزيم» هو الجبل المقدس في التوراة وليس جبل صهيون ولهذا فإن السلطات الاسرائيلية تحتفظ بهذه المخطوطات بعيدا عن الأعين لأن الكشف عنها سيفضح كثيرا من الأساطير الصهيونية.
ويقول الكاهن اسحاق ان داود وسليمان ليسوا من الأنبياء حسب اعتقاد السامريين ولكنهما من الملوك وليس لهما ذكر في التوراة السامرية.
وأشار إلى رواية تتحدث عن بناء هيكل سليمان على 60 من الأعمدة المكونة جميعا من السبائك الذهبية وأن ذلك هو السر في اهتمام اليهود بالبحث عن أطلال هذا الهيكل المزعوم لأن ذلك حسب رأيه سيجعل الدولة التي تكتشف هذه السبائك أغنى دولة في العالم.
وربما كان ذلك نوعا من الروايات الشعبية المتوارثة التي لا تستند الى أساس يمكن الثقة فيه.
وأكد الكاهن السامري أن يوسف عليه السلام دفن بعد نقل رفاته من مصر في مقامه القريب من نابلس والذي يقوم المتطرفون اليهود باقتحامه كل شهر تقريبا منذ أن أصبح خاضعا للسلطة الفلسطينية عقب انتفاضة الأقصى التي أدت الى انسحاب القوات الاسرائيلية من ذلك المكان. وأشار في هذا الصدد الى أن قبر يوسف موجه مثل قبور الأنبياء والصالحين نحو جبل جرزيم بوصفه قبلة لهم وليس في اتجاه القدس.
وأضاف: ان جبل جرزيم كانت عليه في القرون الوسطى كنيسة بيزنطية وكان عدد من السامريين يعملون خدما فيها.. وعندما حرر صلاح الدين الأيوبي فلسطين وصل أحد قواده الى نابلس حيث دله السامريون على طريقة للصعود الى جبل جرزيم وتحريره من الصليبيين.