تحت عنوان «تعدد الزوجات في العراق.. بين تشجيع السلطات واضطرار النساء» أجرت الـ «بي.بي.سي» تحقيقا جيدا لرصد معاناة العراقيات اللاتي يعشن ظروفا صعبة بسبب هذا التعدد.
فحنان عراقية تمضي أيامها في تصفيف شعر زبوناتها من النساء اللواتي يزرن صالون الحلاقة المتواضع الذي تديره. ويحتل الصالون غرفة في منزل حنان الواقع في شارع حيفا في بغداد. يضج المنزل بالحياة، وتدل جدرانه المتسخة على ضعف حال صاحبته. تعمل حنان وتعيش في هذا المنزل منذ 10 سنوات مع أولادها الـ 3. حنان امرأة ذات شخصية قوية تنعكس في صوتها الواثق والعميق. فقدت 8 أفراد من عائلتها في الحرب وفقدت زوجها أيضا وبقيت قوية. مع ذلك، استسلمت لحاجتها الى ما تسميه الرجل ـ الملجأ، وتزوجت من رجل متزوج. حنان واحدة من مليون أرملة عراقية خلفتهن الحرب في العراق، العديدات منهن شابات في مقتبل العمر على رأس عائلاتهن، انضممن الى جيل من النساء في عمر الزواج لا يجدن فرصة له لأن العدد الأكبر من الرجال من جيلهن قتلوا في الحروب. وفي بيئة تقليدية تغلب عليها القيم المحافظة بشكل متزايد، وفي بلد لايزال يعيش حالة حرب، وجدت هؤلاء النساء أنفسهن في مواجهة حلول غير محبذة في الأوضاع العادية. جاءت السلطات العراقية في بعض المحافظات بحل أثار جدلا كبيرا في العراق وخارجه، حيث اقترحت تقديم مساعدات مالية لتشجيع الرجال المتزوجين على الاقتران بزوجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة. أعلن الاقتراح في الأشهر التي سبقت الانتخابات الأخيرة في مارس من العام 2010، وكان «لأسباب سياسية من أجل حصد عدد أكبر من أصوات الناخبين»، كما تقول النائبة في البرلمان العراقي ندى الجبوري. وتقر الجبوري بمشروعية تعدد الزوجات بموجب الشريعة الإسلامية، لكن «يجب ان توضع له قواعد» كما تقول. وللاقتراح جوانب عديدة مثيرة للجدل، فإلى جانب تشجيعه على الزواج المخادع، فهو يخالف القانون العراقي بحسب الناشطة في مجال حقوق الإنسان هناء أدوار من منظمة «الأمل» في بغداد. فبموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959، يتوجب على الرجل ان يحصل على موافقة قاض ليتمكن من الزواج بثانية. تعتقد هناء أدوار ان «عدم الاستقرار السياسي وتدهور المعايير الأخلاقية» في العراق هما سبب هذه الاقتراحات التي تعارض القوانين والأخلاق برأيها، إذ تجعل من المرأة «سلعة» سهلة الشراء والاستفادة منها لأنها تضعها في منزلة متدنية عن الرجل وتعرضها للتعسف الذكوري.
لكن العراق لايزال في حالة حرب، كما تقول النائبة الجبوري، وتحيل اللوم على «بعض السياسيين والمجموعات الدينية المتشددة التي تروج لتعدد الزوجات من دون قواعد».