في شتى بقاع العالم تعتبر ظاهرة الغلاء من اشد الظواهر التي تقلق الشعوب بصفة مستمرة وهي من اكثر القضايا الحيوية التي تعني الأفراد نظرا لأنها تحدد الأولويات في معدلات الصرف وتؤثر بشكل رئيسي على اقتصاد الأسر فبارتفاع أسعار السلع تتغير معها معدلات الصرف وخاصة نوعية السلع التي يتم الإقبال عليها بحيث تتغير معها توجهات المستهلكين حول السلع فيتم المفاضلة من قبل الجمهور حول السلع الجيدة والأقل سعرا والتي لا تؤثر بدورها على ميزانية الأفراد في المجتمعات المختلفة.
وتتغير العوامل التي تؤثر على الغلاء فمنها ما يعود الى المنتج لهذه السلعة فقد يكون ارتفاع المواد الخام نظير شحها، وزيادة الإقبال عليها أدت بالتبعية الى ارتفاع سعر المنتج بعد التصنيع وهذا دائما ما يكون المبرر الأكثر اقناعا والأكثر شيوعا وتداولا إلا ان اليقين بمصداقية هذا الطرح قد يشوبه الشك متى ما كانت المادة الخام متوافرة بكثرة ولم تشح، إذن ما دواعي رفع قيمة السلعة؟
قد يعزو البعض احد هذه الدواعي التي أسفرت عن زيادة التضخم الى أسباب اقتصادية إلا انها في بعض الأحيان تتدخل السياسة بها والأهواء الشخصية، وإذا ما استطردنا بعض الدواعي السياسية المؤدية إلى رفع أسعار السلع قد تكون عائدة ليس الى المصانع التي تنتج هذه السلع، لكن الى سياسات الدول التي تخضع هذه المصانع تحت رقابتها فكثيرا ما تؤدي الصراعات السياسية الى ارتفاع السلع بالتبعية كنوع من الحرب الاقتصادية الباردة في بعض الأحيان.
أيضا قد تتأثر السلع بالأهواء الشخصية للمنتجين فقد يكون صاحب علامة تجارية معينة لا يرغب في ان تكون في متناول الطبقة المتوسطة بكثرة ويريدها محسوبة على الطبقة المخملية وحدها مما يؤدي الى ارتفاع أسعارها حتى تكون سلعته في متناول النخبة وحسب، فلا يهمه بالتالي المكسب المادي من انتشارها بشكل مطرد بين الجمهور، لكن ما يعنيه هو إرضاء الطبقة المخملية وصفوة المجتمع بتخصيص علامات تجارية محددة لهم.
وفي كل الأحوال وأيا كانت الدوافع والأسباب فلا بد أن يكون هناك رقيب على المنتجين، لن نقول نريد وزارة التجارة او غرفة التجارة أن تكونا رقيبتين وحدهما ولكن نريد ان يكون هناك قانون يجيز للصحافة التحدث عن السلع الاستهلاكية التي تعني شريحة كبيرة من الجمهور وبدأت اسعارها تتضخم فيجيز القانون السالف الذكر للصحافة عمل تقارير واستطلاعات حول اسباب ارتفاع أسعار سلع معينة من خلال اجراء مقارنات لأسعار السلع كيف زادت ودواعي ارتفاعها من خلال مقابلة الوكلاء التجاريين في الكويت لهذه العلامات التجارية للتحدث عنها او من خلال مقابلة أصحاب المصانع التي تنتج هذه السلع، أي أصحاب المصانع الوطنية لبحث اسباب ارتفاع الأسعار.
وبذلك نكون من خلال القانون السالف الذكر قد كشفنا الحقيقة كاملة أمام الجمهور حتى لا تكون الحكومة دائما الشماعة التي نحملها كل المشاكل التي تعتري المواطنين فالمصداقية في الطرح ومواجهة بعض التجار الذين يغلون أسعار السلع أحيانا لأسباب حقيقية خارجة عن إرادتهم ومرتبطة بالمصانع الأم المنتجة وهم بالتالي يلتزمون بالتسعيرة العالمية، وأحيانا لا يكون هناك عذر سوى الرغبة في التربح من المواطنين البسطاء بالتستر خلف شعارات وهتافات غير حقيقية، وهذا كله بالتالي لا بد أن يرتفع معه سقف الحرية للصحافة للبحث والتحري حتى تعدل بعض من يهدف فقط للتكسب السريع ولو على حساب البسطاء فيجد السلطة الرابعة تتواجه معه، وحين نتحدث عن السلع لا نعني بها فقط المأكولات والمشروبات بل كل السلع والخدمات المقدمة للجمهور والتي تعني المجتمع.