تعكف الدول المتقدمة على وضع السياسات الإستراتيجية في شتى جوانب الحياة فتجدها لا تقتصر على السياسات العامة للدول من حيث ادارة شؤون الدولة أو الجوانب الاقتصادية بل تشتمل أيضا على السياسات المتعددة في نطاقات مختلفة.
وذلك من خلال وعيها بأن ادارة شؤون الفرد لا تقتصر فقط على الجوانب الوظيفية والسياسية والحريات بل تشمل كل ما يعني هذا الفرد وقد تكون صحة الفرد من الركائز والدعائم الأساسية التي تحرص الدول كافة على وضع الإستراتيجيات الخاصة بها.
فنجد أن الأمن الصحي من خلال توفير العناية الصحية بتوفير مراكز التطبب والدواء ومختلف الأجهزة الطبية التي تمكن الأطباء من الحفاظ على حياة الأفراد أو التخفيف من آلامهم هي الهدف السامي الذي ترمي اليه الدول. ولننظر الى اكثر ما يعاني منه المواطنون لدينا نجد أن اكثر الشكاوى تدور حول الصحة، فنجد ان وزارة الصحة غالبا ما تلقى عليها اتهامات خطيرة نظرا لأنها المعنية بأكثر ما يشغل اهتمام المواطنين ويعنيهم وهي الخدمات الصحية المقدمة للجمهور.
فمتى ما فشلت استراتيجة العلاج المقدمة من قبل الأطباء أو التشخيص الصحيح للمرض تعالت الأصوات التي تطالب بإعادة استراتيجية العمل في وزارة الصحة، اليوم ونحن بصدد إعادة آلية التفكير في استراتيجيات العمل في وزارة الصحة من خلال تصويب الأخطاء التي اعترت عملهم في السابق علينا أولا ان نضع منهجية مختلفة في التفكير بالصحة بشكل عام. بحيث قبل التفكير في توفير الدواء علينا أن نفكر كيف لنا أن نتجنب هذا الدواء ولا نكون بحاجة اليه، أي نعم أن الأمراض هذه قدريات بحتة فلم يتمكن علماء الطب حتى يومنا هذا من تشخيص دقيق للمسببات الحقيقية للأمراض التي تظهر على الساحة الطبية بين فينة وأخرى بحيث كلما توصلوا لوضع علاج لداء طفرت على الساحة الطبية أمراض جديدة يستعصي عليهم إيجاد حلول لها. بيد أن الإيمان بقدرية الأمراض هذا أمر حتمي وموجب بحيث يكون الإيمان بأن السبب الرئيسي للمرض هو قضاء الله وقدره أولا ثم نفكر في المسببات الفرعية الأخرى ومحاولة إيجاد حلول لها.
إذن أولى التداعيات المسببة للأمراض والتي لا بد ان توضع في اعتبار الجمهور أنها بقضاء الله وقدره، إلا ان ذلك لا يمنع العلماء من الوقوف مكبلين أمام الأمراض التي تظهر على الساحة بل من الضروري أن يتم رسم سياسة لصحة الفرد.
بحيث ترتكز هذه السياسة على البحث الجيني بمعنى ان تكون هناك عينة دم يتم فحصها جينيا للتعرف على الأمراض التي يكون هذا المواطن معرضا للإصابة بها فيتم عمل إجراء احترازي لها للتمكن من التصدي للمضاعفات الصحية التي قد تعترضه أي نعم أنها قد لا تشفيه ولكنها على الأقل تقلل من احتمالية تفاقم حدة الأمراض لديه.
وهذه تكون بالتأكيد عند الولادة فبمجرد ولادة الطفل تؤخذ منه عينة دم تبحث في المختبرات للتعرف على الأمراض التي قد تعترضه مستقبلا ويتم من خلالها إخضاعه بالتنسيق مع والديه لبرنامج صحي متكامل حتى تتم السيطرة على الأمراض التي قد تعتريه ويكون لديه في ملفه في وزارة الصحة تقرير كامل عن استعداداته الجينية للأمراض وما المصل الذي يتوجب على الطبيب المعالج اعطاءه اياه والعلاج الذي يناسبه كل وفق حالته. بحيث تتغير سياسة العلاج ولا تكون موحدة لكل فرد بل تختلف من فرد لآخر وهذه بالتأكيد ستساهم كثيرا في الحد من التشخيص الخاطئ للأمراض والدواء الخاطئ الذي غالبا ما يتسبب في مضاعفات لها غاية التأثير السلبي على الصحة العامة.