اليوم ونحن في الأيام العشر الأخيرة من رمضان هذه الأيام التي نقوم فيها ليالي المتبقي من رمضان، سائلين الله سبحانه وتعالى ان يتقبل منا صيامنا وقيامنا ويحفظ لنا أحبتنا أينما كانوا.
الكل في مثل هذه الأيام الفضيلة يناجي ربه بما يحب ويتمنى، ونسأل الله أن يتقبل من الجميع دعواتهم ويحقق لجميع أمة المسلمين ما يتمنون فهناك دعوات خاصة لكل فرد منا ولكن هناك دعوات تخصنا جميعا ألا وهي ان يؤمن بلادنا وبلاد المسلمين جميعا.
فالأمن يعتبر ركيزة الحياة وأساسها، فبدون الأمن لا تدور عجلة الحياة في المجتمعات على سيرها الصحيح، فاللهم آمن بلادنا وادفع البلاء عنها واكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
فكل الذين يحيون ليالي رمضان قياما وطاعة وقراءة لكتاب الله أسألهم وأقول ان عليهم واجب الدعاء لأوطانهم بدعوة سيدنا وخليلنا ابراهيم عليه السلام حين قال (رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر) ـ البقرة: 126 وهذه الدعوة لم تنحصر على عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام بل الأصل بالدعوة ان تمتد إلى يوم الساعة.
حيث ان الأمن والأمان يجعل الحياة تسير على خطى متسارعه، حيث يتحرك الناس بحرية وطلاقة، الكل يعمل دون خوف وينتج وهو مطمئن انه لن يأتي أحد ويسرق رزقه أو ان يقتله في داره أو أن يضيع حقه.
لذلك فنحن غالبا ما نشدد على ضرورة أن تكون يد الأمن مقبوضة في المجتمعات بيد من حديد حتى لا يرتعب الناس ويكونون فريسة لمن تسول لهم أنفسهم ترويع الآمنين في أوطانهم.
وقد تكون تلك بدايتها بدرء المفاسد بسد الذرائع التي تؤدي إلى مثل هذه الأمور، وقد تكون غالبا بدايتها بالفتن، اللهم أكفنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، حتى ان الله سبحانه في كتابه الكريم شدد على نبذ الفتن فقال سبحانه (والفتنة أشد من القتل) ـ البقرة: 191.
وهو سبحانه في كتابه الكريم قالها في عبارة واضحة لما للفتنه من أثر سلبي على المجتمعات كافة وعلى جميع الأصعدة فهي الشرارة التي تبدأ في خلخلة الأمن في المجتمعات والبلدان كافة.
إن اكثر من يثير الفتنة هم الجهلة والأغبياء والأشرار، فهذه الصفات متى ما اجتمعت في شخص ما اعلم انه كارثة يتوجب عليك الحذر منه، فالجاهل حين يتحدث لا يثمن حديثه ولا يعي ما يقول ولا يحسب أبعاد الحديث الذي يتحدثه فتجده يتسبب بقيل وقال وخلافات بين الأفراد دون ان يدرك أبعاد تصرفاته، وهذه أحيانا تكون عن جهل وطيبة كما هو حال صغار السن، وقد تكون عن غباء فيقع فيها الكبار نتيجة غبائهم المفرط، فيتسببون بأزمات، وقد يقع بها الأذكياء الأشرار وهؤلاء غالبا ما يتعمدون بث روح الفرقة وزعزعة استقرار الشعوب والمجتمعات سواء على صعيدهم الشخصي الخاص فنجد أنهم في حياتهم الاجتماعية يتسببون لمحيطهم بأزمات، وقد يمتد ذلك الأمر إلى ان يطول أوطانهم وشعوب العالم بما يقومون به ويقترفونه فتتسع دائرة الخلافات، فعوضا انها كانت في محيطهم الاجتماعي الصغير تتسع لتطول الدول والمجتمعات.
إن أولى أساسيات وركيزة تعزيز الأمن في المجتمعات يكمن في نبذ الفتنة التي تتسبب بمثل هذه الأزمات، فصاحب الفتنة لابد الا يجد آذانا تصغي إليه ولا متجاوبا يتفاعل معه حتى لا تتسع دائرة الخلافات ويقتتل الناس من بعدها، لذا فإن أولى الدعوات التي لابد ان ندعوها «اللهم آمن بلادنا».