بادرتني انسانة عزيزة علي ومن إحدى الجنسيات العربية بالطلب التالي: أعطني اسم امرأة كويتية تستحق أن نطلق عليها لقب نموذج كويتي معاصر وتكون بالفعل قدوة نسائية.. أعترف بأنني فوجئت بطلبها وحاولت لدقائق أن أنبش في ذاكرتي عن أي اسم أقدمه لها.
الكويت بلد الريادة في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة فلقد برزت أسماء عديدة في جميع المجالات، ففي الصحافة نذكر غنيمة المرزوق أما في التعليم فهناك مريم عبدالملك ولطيفة البراك ودلال البشر الرومي وغيرهن كثيرات، وفي جميع المجالات السياسية والعلمية والرياضية والفنية وغيرها.. ولكن يظل السؤال يطرح نفسه فمن تكون النموذج المعاصر للفترة الحالية والتي يمكن أن نطلق عليها لقب القدوة الكويتية وتنطبق عليها جميع المواصفات من حيث امتلاك صفات راقية مؤثرة مع الثبات على المبادئ وعدم التكلف بالتصرفات وتكون أعمالها مقترنة بالقول.
بحثت طويلا ووجدت أسماء كويتية مشرفة كالناشطة الإنسانية د.معالي العسعوسي وطبيبة القلب فوزية الكندري وغيرهن.. إنهن نماذج كويتية شامخة.. شخصيات رائعة إيجابية وناجحة ويمكن أن تكون تجاربهن في الحياة والعمل دروسا مفيدة لتطوير النفس والقدرات وتأصيل مبادئ حب العمل والإنتاج والمثابرة.. ولكن هل هذه النماذج معروفة للأفراد العاديين ولأجيالنا الشابة؟!
للأسف الشديد كان العرض الإعلامي لنجاحهن محدودا.. فالتشجيع الحكومي الحالي لا يرتقي لصنع نماذج وطنية تظل في الذاكرة.. أستطيع أن أؤكد أن هناك تجاهلا إعلاميا للنجاح خاصة مع بروز الإعلام التجاري مع تغافل اجتماعي كبير عن كل القدوات الإيجابية في مقابل تحول واضح نحو القدوات السطحية كـ الفاشنستات ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي والذين يمثل المراهقون والشباب نسبة لا يستهان بها من متابعيهم.. وهؤلاء هم جيل المستقبل أملنا لبناء غد الكويت.. ففي زمن العولمة أصبحنا أمام تغيرات من العيار الثقيل فالكويت هي الآن بلد القدوات الجديدة بكل أبعادها الاجتماعية والأخلاقية.. وإن لم يكن بعضهم كويتيين ولكن نسبوا للكويت حتى التصق بهم المسمى الجديد رغما عن الجميع.. وبرغم كل الانتقادات الموجهة لهؤلاء إلا أن هذا التيار أكمل مسيرته بعد أن سحب البساط من الجميع.. تحولات جديدة في الرؤى والمعايير بدأت مع نجومية المشاهير الجدد.. إغراءات قوية بأرقام مالية مبالغ بها وشهرة وأبواب مفتوحة يسيل لها لعاب البشر.. ومعهم تغيرت العديد من المفاهيم، فلم يعد أساس النجاح هو الإخلاص والموهبة والعمل إنما الاستعراض والتصنع والتمرد على كل المبادئ والقيم وتخطى العادات والتقاليد ولا ننسى أعداد المتابعين.. ولأن البشر يميلون للفضول ارتفعت أعداد متابعيهم لأرقام فلكية.. قدم هؤلاء نموذجا حيا لإهمال التعليم والعمل البناء.
لقد خرج الأمر من أيدينا وأصبح هؤلاء هم قدوات المجتمع الحديث! ظاهرة لم تكتمل معالمها ولا يمكن تحديد نتائجها بشكل تام ولكننا قد نرى العجب مستقبلا!
[email protected]