عبدالعزيز الأحمد
لا شك في ان الخادمة جزء لا يتجزأ من نسيج الأسرة الخليجية عاشت وغاصت في أعماق مجتمعاتنا وكل ذلك كان بسبب الترف وارتفاع الدخل المادي وتشعب الحياة وكثرة المسؤوليات وخروج المرأة للعمل وتضاعف الأعباء المنزلية، اضافة الى الاتكالية وكسل وخمول المرأة وترك كل ادارة المنزل للخدم مما أفرز سلبيات اجتماعية خطيرة وأحدث شرخا مؤلما في جسم الأسرة الخليجية لتطفح على السطح هذه الخادمة الجاهلة التي تتربع على كرسي عرش المنزل الأسري لتتصرف كما يحلو لها ان رضينا أو أبينا، وذلك ما أوجد قنبلة موقوتة قد تتفجر في أي وقت دون سابق انذار لتفكك بعدها اجزاء المنزل ويحدث انشطار واهتزاز في شخصية الأسرة فتنهار.
ان الخدم هم مجموعة من البشر ينتمون الى قوميات ومجتمعات وديانات عديدة ومتشعبة ولكل من هؤلاء البشر تقاليد وعادات وثقافات وأخلاق ومستويات معيشية خاصة بهم.
لذلك تبدأ المشكلة تنمو وتكبر ثم تخرج من حلقاتها المعقدة حصادا رديئا فتصبح ككتلة ثلج كروية تتدحرج في أركان المنزل فتحدث به ثقوبا فتصدعه وهنا يفلت الزمام وتتفرط حبات المسبحة القوية وتتناثر في أرجاء وأركان المنزل وتوقع دمارا على رؤوس الأطفال الأبرياء ليكونوا هم الضحايا، وفي نهاية المشوار يعيشون ويتربون في جو مأساوي ومعمعة مقتمة وفي حالة انعدام وزن.
فالأطفال عجينة لينة يسهل تشكيلها فتبدأ الخادمة باللعب بهذه العواطف الرقيقة ويتم حقنهم بجرعات منشطة من العادات والقيم والسلوكيات السيئة فيتأثر هؤلاء الأطفال بها وتحدث الاضطرابات والانفعالات النفسية بما يمتصونه من هذه القيم الضارة وخاصة العدوانية منها فانتقال الطفل من حضن الأم الدافئ الى حضن الخدم الجاف يسبب احداثا مأساوية، فالخادمة جاءت بضغوط نفسية واجتماعية لبعدها عن وطنها وأبنائها وأسرتها فأحدث ذلك شرخا قطع أوصالها وخلق لها نوعا من الجفاف العاطفي والاكتئاب النفسي مما ولد عندها حب الانتقام والعدوانية التي تقع على رأس الطفل، كما اننا يجب ألا نتناسى أن هناك على الشاطئ الآخر الزوج الذي يعاني هو الآخر من الفراغ والاهمال التعسفي من الزوجة فيقع هو الآخر تحت وطأة الخادمة التي تصبح الكل بالكل مربية ومديرة وطباخة وادارية وسكرتيرة لتبدأ أساسات المنزل تهتز بالمشاحنات والخناقات الأسرية وتحدث بعدها زوبعة تهدم المملكة الهادئة والأسرة السعيدة وتدمر ما حولها... فلذلك يجب على الأسرة الخليجية ان تصحو من غفوتها وان تضع لها دستورا يحمي منزلها من كل شيء يعكر صفوها بعيدا عن الاتكالية على الخدم وبعيدا عن الاستهتار والتفكك الأسري حتى تعود ينابيع الحب والحنان تتدفق من جديد في شريان المنزل الخليجي الأصيل.