عبدالعزيز الأحمد
واحرقلباه.. واحسرتاه.. واحزناه على تساقط اوراق الخريف من ابناء وطني التي تسفك دماؤها وتهدر ارواحها وهم في ريعان الشباب فوق اسفلت الشوارع وبين الارصفة وعلى اعمدة النور وعلى حوائط الجسور الصماء التي تبكي بحرارة حزنا على زهرة شبابنا التي تساقطت قبل أوان قطوفها، فكم ام تتعذب وينفطر قبلها حزنا على فلذة كبدها، وكم اب اخترقت قلبه جروح غائرة لن تلتئم ابدا لفقدان ثمرة جوفه، وكم ارتال من الألم النفسي والبدني يصيب اطفالا تيتموا وهم عصافير لايزالون في اعشاشهم حزنا على والدهم الذي ذهب ولن يعود، وهناك كثير من القصص والمآسي التي تحكي اهوال حصاد عشرات من الضحايا وهم في عمر الورود وعمر النضوج وقد التهمتهم الاقدار، وكل ذلك من شبح مخيف اسمه السرعة والرعونة والاستهتار التي تتطاير على اثرها ارواح وتتبعثر شظاياها في الهواء بلا رحمة.
الكل حزين والحزن يملأ القلوب اسى وحسرة لمأساة تساقط الورود من اغصانها، والكل بكى شبابهم الذي ولّى ولن يعود، وبكتهم الاشجار من جذورها دموعا ثقيلة مثقلة بالاحزان، وبكتهم المحيطات من اعماقها فجفف الألم ماءها، وبكتهم الطيور في اعشاشها بصوت مبحوح حزين، حقيقة، الكل منا مسؤول عن هذه المأساويات التي تدمى لها العيون وتحترق لها القلوب وحنايات الضلوع، فالإعلام بجميع أجهزته السمعية والبصرية لابد ان يكون استنفاره على مستوى الحدث لتبصير الشباب والاهالي بما يحدث من كوارث يومية تحصد ارواحا بريئة، وذلك عن طريق التلفاز اليومي، كما ان لوزارة التربية دورا حيويا وفعالا في تطوير مناهج التعليم وادخال مادة (المرور) كمادة اجبارية لها نجاح ورسوب وتضاف للمجموع العام ويقوم على تدريسها اخصائيون نفسيون وتربويون، كما ان لوزارة الداخلية (ادارة المرور) دورا رئيسيا في المساهمة بحل هذه المعضلة التي تقلق كل الاسر بأن يتخذوا قوانين رادعة وان يتم تطبيقها بكل حذافيرها، وألا تتساهل مع المنحرفين عن القانون من المستهترين الذين يتخذون من الرعونة تسلية تقصف بأرواحهم وارواح غيرهم، كما يجب ألا تنظر للواسطة من اي حد كان، فكل المواطنين امام القانون سواسية لا فرق بين ابناء كبير القوم او صغيرهم، والآن يأتي دور الاسرة في تبصير ابنائها وتوعيتهم في عدم سقوطهم في المستنقعات الخطيرة التي تعرض رقابهم للموت، ولابد ان يتفهموا ان هناك ارواحا تحصد يوميا دون وجه حق اكثر مما تحصده الحروب والكوارث الطبيعية، لذلك يجب ان يتحلوا بأخلاق الاسلام وان يكونوا منارة للآخرين في احترام كل ما يصدر من الدولة من قوانين ولوائح.
واخيرا نسأل الله العلي القدير ان ينير طريق الشباب لما فيه خير ومنفعة البلاد، اللهم يا رب العالمين، آمين.