عبدالهادي الصالح
هل بقي بريق لعجائب الدنيا السبع سواء القديمة أو الجديدة التي أُعلن عنها الأسبوع الماضي؟ هل تثير إعجابنا نحن أبناء هذا العصر الذي لايزال يوميا يظهر عجائب يذهل لها الانسان الذي اكتشف القوانين الطبيعية فاستخدمها لمخترعاته العجيبة؟ طائرة الجامبو التي تحمل في جوفها عشرات الأطنان من المسافرين وأمتعتهم فتطير بهم في أجواء السماء الى مشارق الأرض أو مغاربها لأكثر من 10 ساعات دون توقف!
نزول الانسان على سطح القمر وانزال مركبات على كوكب المريخ! ومشاهدة الأحداث لحظة بلحظة بين سكان الأرض والتحدث بينهم عبر التلفزيون والهاتف النقال والإنترنت وثورة المعلومات..الخ من الاختراعات العجيبة والمذهلة! علاوة على الأبراج والمباني ناطحة السحاب والجسور..الخ.
لكن لا يعني ذلك ان نلغي القيمة الحضارية التي تتمثل في المواقع التاريخية الخالدة كالأهرامات وسور الصين العظيم والبتراء والكولسيوم وغيرها مما يثير فضولنا في براعة الإنسان قبل مئات السنين عندما بناها مع ضعف امكانياته الانشائية الآلية، لكن الأهم من ذلك انها تثير الاعتبار بمن مضى وان التطور المادي وإن عظم فإن الإنسان يبقى ضعيفا أمام السنن الكونية ومآله دائما الى الفناء من الدنيا وان الحضارات وإن سادت فمآلها الى ان تبيد، ويبقى الانسان أمام مسؤولياته كخليفة الله على أرضه ومن أهم هذه المسؤوليات كيف تعامل مع هذه المادة؟ وهل آمن بخالق هذه المادة؟ وكيف تعامل مع أخيه الانسان؟ وماذا كان موقفه تجاه التشريع الإلهي الذي نُزل ليتعايش بسلام وأمان مع الأرض وما فيها من نعم لا تعد ولا تحصى! والى ذلك يشير القرآن الكريم الى حضارات سادت ثم بادت في التاريخ: «عاد»، القوة الجبارة في جنوبي الجزيرة العربية بين حضرموت واليمن.
و«إرم» المدينة التي لا نظير لها في القصور العالية ذات العمد الممددة. و«ثمود» الذين جابوا الصخر بالواد أي قطعوا الصخر من الجبال. و«فرعون ذي الأوتاد» وقيل انها الاهرامات التي تشبه الأوتاد في الأرض! لكن أصحاب هذه الحضارات المادية الجبارة قد طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد لأنهم لم ينطلقوا من مفهوم العدالة الإلهية بل انطلقوا من ظلمهم للناس، ومن الكفر بأنعم الله وصاغوا قوانين البلاد من مشتهياتهم وتسلطهم، فصب عليهم ربك سوط عذاب!
هذه العظة التي ينبغي من خلالها ان يصنع الانسان حياته اليوم، وعجائب الاختراعات المذهلة ينبغي ألا تنسيه مسؤولياته بصفته خليفة الله على أرضه، يقال ان الحضارات تبدأ شبابا ثم تكبر فتشيخ فتهرم ثم تموت!
فإذا كان ثمة عجب فعجب لإنسان هذا اليوم الذي يمر على تلك الحضارات البائدة فلا يترفع عن الفساد بأنواعه السياسي والاقتصادي والأخلاقي فيأخذه الغرور والطغيان والمنطق الإلهي يقول له: (يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم)! و(يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه)!