كان ختامه مسكا، حيث هطلت زخات من المطر والبرَد في نهاية يوم النفرة من الحج وكأنها تستكمل غسل ما تبقى من الذنوب والأدران من القلوب، ولا شك ان هذا العدد الهائل من الحجيج يحتاج الى طاقات بشرية وآلية لإدارة العملية العبادية التي تتم على عدة مراحل وفي أماكن متفرقة، وهذا ما وفرته المملكة العربية السعودية المشكورة، التي توجت هذا العام باستكمال الطوابق الأربعة من جسر الجمرات في منى، وفي تسيير قطارات سريعة بين أراضي المشاعر المقدسة، ويبدو ان التوسع والتطور مستمران، ومازلت على الرأي بأن الأحكام الفقهية للحج تشكل العمود الفقري لهذا التوسع والتطور فمهما بلغ الطموح مداه فإنه تظل هناك اعتبارات لابد من مراعاتها، وبدونها فإن الفقهاء الذين يقودون تفاصيل هذه الشعيرة المقدسة سيمثلون الوسيلة المقنعة للحجاج للتعامل الإيجابي مع هذا التطور والتوسع.
ولذلك نلاحظ ان بعض الفقهاء حتى الآن يتحفظون على التوسعات الجديدة في المسعى بين الصفاة والمروة، وهناك من يتحفظ على امتدادات حوائط الرجم أو أماكن ذبح الهدي.. الخ، لكنني على قناعة بأنه لو تم تحاور السلطات السعودية المعنية مع هؤلاء الفقهاء أو من يمثلهم واطلاعهم على تفاصيل تزايد عدد الحجاج ومخاطر الجمود على الأوضاع القديمة على حياة الحجاج وصحة مناسكهم، لكان أدعى لشحذ الهمم لمزيد من الاجتهاد والتباحث لاستنباط فتاوى من شأنها أن تتناغم مع ذلك الطموح الذي يستهدف تسهيل العملية أمام هذا الكم الهائل من الحجاج والذين يتباينون على عدة مدارس فقهية متعددة، بل ان هذا العمل يعد مصداقا واضحا لمشاريع سواء الحوار الوطني السعودي أو الحوار بين الديانات العالمية والتي يدعو اليها ويقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، شفاه الله تعالى.
نتقدم بخالص الشكر والتقدير الى حملة محمد جواد كاظم «التوحيد» وكوادرها الذين تفانوا في تقديم كل التسهيلات والخدمات لضيوف الرحمن، وبعد 31 عاما من الخبرات لابد أن نذكر المؤسس لهذه الحملة وهو الوالد الحاج كاظم عبدالحسين الذي كان المؤسس الأول للنقلة النوعية في تطور حملات الحج الكويتية والتي تتابعت بشكل أوسع، مع كامل التقدير لكل الحملات التي تعي مدى كرامة الحاج عند الله تعالى.