عبدالهادي الصالح
في أعقاب ما نقله مجلس الوزراء (قبل أكثر من أسبوع) عن تألم صاحب السمو الأمير، حفظه الله تعالى، مما يحدث في الساحة الانتخابية المحلية من كلام يدعو الى الفتن وشق الوحدة الوطنية، مؤكدا في ذلك ما جاء في خطاب سموه الأخير من تحذيراته ونصحه وتمنياته بنبذ روح الشقاق والتأزم، ما عطل عجلة التنمية في بلادنا، أقول في أعقاب ذلك أرسلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تعميما على خطباء الجمعة في المساجد ليكون الموضوع عن الوحدة الوطنية، وكذلك أرسل وزير الإعلام كتبا إلى رؤساء تحرير الصحف المحلية يناشدهم فيه الحفاظ على حرية الرأي المسؤولة وان الوزارة لن تتهاون مع المساس بالثوابت والوحدة الوطنية، لكن الواقع انه لاتزال بعض الأطراف ترى في تحريك الفتنة وتوجيه الاتهامات الطائفية هروبا وملاذا لأزماتهم، وهكذا فعلوا قديما في التاريخ «فرق تسد» واليوم عبر كيل الاتهامات جزافا، والمصيبة الأكبر الآن ان أقوال الفتنة لا تنحصر في بلادنا فقط، بل بفضل الوسائل الإعلامية والانترنت تنتقل الى بلاد العالم في ذات الوقت والأكبر من ذلك ان من حولنا البعيد والقريب من يصدق مثل هذه الأكاذيب بسبب الأجواء المتطرفة والطائفية التي يعيشونها هناك فيندفعون بحماس أعمى ليحرقوا المناوئين لهم بدافع الانتصار المزعوم لعقيدتهم!
فالمشكلة عظيمة حقا لا يقدرها عندنا بعض المرشحين الذين حقا يوصفون بالمراهقين السياسيين الذين لا يعون ما يقولون، وفي كل واد يهيمون!
العملة الأخرى من هذه المشكلة ان ما يؤرق المواطنين ان وحدتنا الوطنية لماذا هي بهذه الركاكة والرقة والخفة بحيث ما ان يعبث أحد هؤلاء الصبيان بها الا وكان مهددا لحرق الوطن، فهل البلاد غير محصنة ضد هؤلاء العابثين بأمن الوطن؟!
بالتأكيد اننا نملك مخزونا من ضمانات وحدة البلاد وسلامة وحدة شعبها ولعل الاحتلال الصدامي للبلاد عام 1990 والصمود البطل للمواطنين وحدة واحدة خير دليل ناصع البياض.
ولكن لماذا لا نعمل من أجل تكريس هذه الوحدة بحيث لا يستطيع أي متجرئ ان يلقى تجاوبا أو تشجيعا ولو بسيطا.
ان خطب وزارة الأوقاف ووسائل وزير الإعلام تكاد لا تمثل حتى حبة البنادول المسكنة! فهي أدوات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالوحدة الوطنية اليوم بحاجة لتكريسها بوضع برامج تنموية وتربوية وخطوات عملية تشعر الجميع بهذه الوحدة، وإلا ما تأثير خطب وزارة الأوقاف بينما هناك من يتهمها بحق بأنها تمارس التفرقة في توزيعها للمساجد أو حتى في استضافتها لبرامجها الفقهية والثقافية ومؤتمراتها وكأنها وزارة خاصة لقطاع من المواطنين فقط، ولماذا وزارة الإعلام لا تمارس برامجها للقضاء على مسببات الفتنة الطائفية بتكريس الآراء الدينية لنسيج أهل الكويت من منطلق التعددية فيها وليس الاحتكار في البرامج الدينية وكذلك وزارة التربية التي تنادي بالوحدة الوطنية في منهج «التربية الوطنية» بينما تنقضه من خلال الآراء الدينية المتطرفة والطائفية التي تعج بها مناهج التربية الدينية؟!
ان الترجمة الصحيحة لأقوال صاحب السمو الأمير حفظه الله تعالى، والداعية لتكريس الوحدة الوطنية لا تكون فقط بالاعتماد على الخطب الأدبية للوزارات المعنية، بل عبر تحويلها الى قرارات ومناهج عملية محسوسة وملموسة لدى المواطنين قريبة وبعيدة المدى، والا كانت هذه الوزارات التوجيهية هي الملومة في تربية النشء على هذا التطرف وعلى انتهاج المشاعر الطائفية البغيضة.