مع تباشير اقتراب ذكرى عيد التحرير الوطني، تذبل زهرة أخرى من أبطال الصمود والمقاومة الوطنية، بجسدها لا بروحها، حيث أرواح الشهداء لا تموت، كما هي ذكريات المجاهدين بصدق ضد الظالمين والطامعين، وما أكثرهم من أهل الكويت الذين تصدوا للطاغية المقبور صدام حسين وزبانيته الأوغاد.
ومن تلك الزهرات التي غادرت عالمنا بهدوء كما كانت أثناء الغزو البعثي العراقي تعمل للصمود ورفع المعنويات الوطنية بهدوء دون ضجيج ولا صخب إعلامي حتى بعد التحرير..
انها الحاجة سارة حسين ال ناصر الصايغ، التي انتقلت الى بارئها ودفنت في ثرى الكويت الذي عشقته الخميس الماضي.
سارة كانت في لندن عندما احتلت الكويت، لكنها أبت إلا ان تكون هنا في وطنها تدافع عنه بحسب امكانياتها وقدراتها. فدخلت الكويت محملة برسائل من كويتيين في خارج الكويت مع ابن أخيها - سعود عبدالعزيز الصايغ - وعملت على توفير الاموال والمؤن، ثم توزيعها بالسر على كل من كان محتاجا، دون أي تمييز أو تفرقة بين المواطنين الصامدين في الداخل. ولم تنتظر كلمة شكر أو شهادة تقدير من أحد.
ولكن ومع ازدياد المعتقلين والاسرى الكويتيين وترحيلهم الى داخل العراق، ومع توارد الاخبار عن أوضاعهم السيئة واحتياجاتهم الانسانية، بدأت سارة تعد العدة والخطة بالتعاون مع بعض الشباب الكويتي، فجمعت المؤن والأدوية والملابس، بعد معاناة مضنية للحصول على التراخيص اللازمة التي يفرضها المحتل الباغي، كانت أول من استطاع الوصول الى الكويتيين في معسكرات الموصل وتكريت والرمادي وبعقوبة، وبرفقة أخيها علي، وساهمت بذلك في التواصل الأسرى بينهم وبين أهاليهم القلقين.
لم تخش الاعتقال والمهانة اللذين برع فيهما النظام العراقي وجحافله في الكويت والعراق.
كانت تشحذ الماء من مصادره الشحيحة من أول أيام التحرير، في عتمة النهار بسبب دخان حرائق النفط التي تسبب فيها النظام العراقي لتسقي به او تروي أكبدة ظمأى.
من يذكر هذه المرأة؟ وما اكثر المنسيين في زحمة وتهافت طلاب الوجاهة والأمجاد الخاوية. ولكن الفوز الأكبر لمن عمل لوجه الله لا يريد جزاء ولا شكورا.
رحمك الله بنت الخال ورحم شهداءنا ومفقودينا الأبرار.
[email protected]