في المصادر الإسلامية عامة، وفي مدرسة أهل البيت عليهم السلام خاصة، كم هائل من الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن منزلة حب الحسين عليه السلام، والتحذير الشديد من التورط في قتله أو الرضى به، حتى تتعدد المواقف التي بكاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام مرأى من المسلمين، وأن من احبه فقد أحب جده النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بوصفه سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وبأنه إمام مفترض الطاعة.
ومن مصاديق الحب المنصوص والمؤكد عليها زيارته الشريفة سواء من بعد أو قرب، وفي أوقات ومناسبات كثيرة.
وفي ذلك يكمن سر عشق المؤمنين بالحسين عليه السلام، وتحول هذا العشق لتبني أهدافه التي أكدها عليه السلام في ساحة كربلاء يوم عاشوراء حتى يومنا هذا، ولذلك جاء في الحديث الشريف «إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا»!
لتتحول هذه الحرارة اليوم إلى إثراء الفكر الإصلاحي في الأمة، والى أنشودة في فم الأحرار، والى وقود يشعل الحماس في فعال المجاهدين ضد الظالمين.
ولذلك نجد المقطوعات النصية المعتبرة التي ترشد الزائر في كيفية زيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلام، تتضمن معاني تصقل وتتعمق في شخصية هذا الزائر.
ومن ذلك الكثير، نقتطف القليل مما يلي:
1 ـ البعد العقائدي: عندما تربط الحسين عليه السلام بالإيمان بأنه من السائرين في ركب عصمة ومنهجية أنبياء الله ورسله عليهم السلام، لا يحدو عنهم قيد أنملة: «السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله.. إبراهيم خليل الله.. إسماعيل ذبيح الله.. موسى كليم الله.. عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله».
«أشهد أنك، ومن قتل معك شهداء، أحياء عند ربكم ترزقون».
2 ـ الجانب العبادي: وهي تذكير بأن حب الحسين عليه السلام يعني الالتزام بالتعبد لله تعالى وحده لا شريك له: «أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، أشهد أنك قد حللت حلال الله، وحرمت حرام الله.. وأطعت الله ورسوله، حتى أتاك اليقين».
3 ـ المسؤولية المجتمعية: من مصداق الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم «من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» يقول الزائر: ..أشهد أنك أمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت الى سبيل ربك، بالحكمة والموعظة الحسنة...».
4 ـ التفاعل العاطفي والوجداني مع مأساة كربلاء. فليس زيارة مشهد الحسين كزيارة المتاحف والمقابر: «بأبي وأمي يا بن رسول الله، بأبي وأمي يا أبا عبدالله، لقد عظمت الرزية، وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع المسلمين.. فيا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما».
ومن تمام الزيارة، الصلاة لله تعالى بركعتين (كصلاة الفجر) ثم إهداء ثوابها إلى الإمام الحسين عليه السلام، قائلا: «اللهم إني صليت وركعت، وسجدت لك، وحدك لا شريك لك، لأن الصلاة والركوع والسجود، لا تكون إلا لك، لأنك انت الله لا إله إلا أنت، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأبلغهم عني أفضل السلام والتحية.. وتقبل مني وأجرني على ذلك...».
[email protected]