عبدالهادي الصالح
حديث صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله تعالى، الأخير مع رؤساء الصحافة المحلية عن خطر الطائفية المقيتة، ونصحه الأبوي لهم بعدم فسح المجال لها على صفحاتهم حتى لا يضطر سموه لاتخاذ شيء لا يريده، أقول إن ذلك يعني ان الأمر تفاقم لدرجة بلغ فيها السيل الزبى، لاسيما أن براكين التكفير الطائفي تتفجر من حولنا، ولذلك أعتقد ان هذا التحذير ورغم انه موجه للصحافة إلا انه موجه ايضا الى الجميع بمن فيهم من يستغل صلاحياته ونفوذه لتطويع المؤسسة الرسمية طبقا لأجندته وأهوائه الفئوية.
نعم إن الحديث عن هذا الأمر تكرر وما يكاد يخلو خطاب رسمي من التحذير من الطائفية والدعوة الملحة للتماسك في قالب الوحدة الوطنية، ولكني اعتقد اننا بحاجة لأن نتبنى هذا الموضوع الذي طرحه صاحب السمو بشيء من الجدية العملية والعلمية لمحاصرة الطائفية بالمعالجة الناجعة ومن الجذور حتى نبقى متحصنين من ويلاتها التي أحرقت الجميع بنيرانها في الدول المعلومة، وهذا التبني ينبغي ان يتفاعل على شكل هيئة أو لجنة تبحث في الطائفية من كل الزوايا وبشكل علمي ومحايد حتى تأتي توصياتها على نحو من الموضوعية والأمانة الوطنية، وعلى الأخص البحث في العناصر التالية:
- 1- ما هو المقصود بالطائفية، ومتى يتحقق مفهومها السلبي ومدى حجمها وانعكاساتها الخطرة على كيان الوطن والمواطنين؟
- 2- في أي المجالات تكمن مصادر الطائفية الخطرة، وما هي مظاهرها، وما أعراضها واثارها القريبة والبعيدة إن أهملت هذه المشكلة؟
- 3- هل تعتبر الطائفية ظاهرة في المجتمع الكويتي؟
- 4- ما أسباب الطائفية وما المؤسسات أو الجماعات التي تشكل مصدرا للشعور بالطائفية، وما القرارات أو المواقف أو الممارسات السلوكية التي تثير هذا الشعور، وهل لذلك الشعور مصداقية حقيقية طبقا لتعريف الطائفية والذي ينبغي الاتفاق عليه؟
- 5- كيف يمكن معالجة هذه الأسباب، وهل نملك إمكانية دستورية وقانونية لهذه المعالجة، وما دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات التوجيهية الرسمية وغير الرسمية في هذه المعالجة من منطلق المسؤولية الوطنية للحفاظ على الوحدة الوطنية؟
- 6- كيف نحصن مجتمعنا من الطائفية البغيضة من الداخل والخارج وما آليات الاستشعار عن بعد عند أدنى سلوك طائفي، وكيفية تكريس روح الوحدة الوطنية وشعور المواطن بأهميتها لمصلحته الشخصية ومصلحة أبنائه ووطنه، ومنع مشاعر الغبن والمظلومية الطائفية..الخ؟ من المؤكد ان الجهات العلمية المعنية بمثل هذه المشاكل والقضايا الوطنية تملك من المؤهلات والقدرات على ابداع الكثير من الآليات والمحاور التفصيلية لمعالجة الطائفية، وما سقناه ما هو إلا نقاط سريعة نقصد من ورائها أهمية معالجة الطائفية معالجة جذرية قائمة على النحو العلمي والعملي، وبذلك يمكننا ان نترجم حديث صاحب السمو الأمير وتوجيهاته السامية على نحو من الواقعية التي ينبغي ان نتحملها جميعا.
[email protected]