لست بصدد إبداء الرأي تجاه الآراء والمواقف التي عبر عنها النائب مسلم البراك في مقابلته مع «الأنباء» عدد الأربعاء (2 ديسمبر 2009 ص 14 و15) سواء بالتأييد أو المخالفة، ولكن استوقفتني عبارته «.. وهؤلاء الوزراء أمامك وأمام الجميع فليقل أي منهم خلاف ذلك، وطوال تمثيلي لم أطلب من أي وزير شيئا وبالتالي إذا ما انصاع لي قمت بتهديده، أبدا لم يحدث ذلك»، وذلك في معرض نفيه «ما جيت لأي وزير أو وكيل، دون ان يكون هناك موعد مسبق، وعمري ما طلبت من وزير مخالفة القانون...»، وبصفتي كنت وزيرا سابقا وأثناء تمثيل النائب البراك (يوليو 2006 ـ مارس 2007) وعلى قصر هذه المدة فقد كنت شاهد عيان على جملة من النواب الذين كانوا يأتون لمكتب الوزارة ويطلبون ويضغطون لأشياء مخالفة للقانون، مناقضين لأقوالهم وتصريحاتهم النارية ضد الفساد تحت قبة البرلمان وعلى صفحات الجرائد، وللأسف كنت أحدهم أيها النائب الفاضل مسلم البراك وللتذكير أسوق هذه الأمثلة الثلاثة:
1 ـ في يوم ما حضرت الى مكتبي ومعك مجموعة من الموظفين أوقفتهم خارج المكتب ثم طلبت منهم الدخول واحدا تلو الآخر للوساطة في النقل أو الندب وأشياء أخرى، وهي أمور تدخل في صلب العمل الإداري للسلطة التنفيذية ولمصلحة العمل ضمن مسؤولية الوزير وهي أمور تجري ضمن قنوات معروفة ومحددة ومن ضمنها قرارات مجلس الخدمة المدنية.
2 ـ فوجئت في إحدى المرات بأن النائب البراك حضر للوزارة دون موعد مسبق للانتصار لأحد أقربائه الموظفين الذين تقاعسوا عن مهامهم الوظيفية بحيث استحق ذلك الموظف الحرمان من بعض الامتيازات المالية.
3 ـ ذات يوم كان هناك موظف خليجي الجنسية يتسلم من الوزارة راتبا مقطوعا بمبلغ حوالي 400 دينار ضمن عقد عمل، لكنه كان منقطعا عن الدوام و«مطنش تماما» فتم انهاء عقده وقد جاء النائب مسلم البراك للتوسط من أجل تجديد عقده.
وطبعا كانت جميع مثل هذه الطلبات مرفوضة ولم استجب قط لا للبراك ولا لغيره «مع احترامي وتقديري الشخصي لهم ولمواقفهم الأخرى الايجابية».
صحيح ان ذلك لم يدفع النائب مسلم البراك أو غيره للتهديد باستجوابي، رغم اعتقادي ان الاستجواب ليس أداة تهديد، بل أداة رقابية تمثل فرصة كذلك للوزير لأن يدافع عن سياسته ويستعرض إنجازاته ويكشف خبايا الاستجواب ان وجدت، لكن النائب مسلم البراك وغيره سلك معي مسلكا فيه الكثير من الاستحقار لشخصي ولمنصب الوزير، وهو الذي طالما طالب بالإنصاف وبتطبيق القانون ومحاربة الفساد الإداري، فقد استعمل كلمات السخرية والاستهزاء من خارج ميكروفون قاعة عبدالله السالم أثناء الجلسات وذلك لاسماع الصحافيين حتى يسجلوها لقطات له ضمن بطولاته ضد الوزير! بل إنني مطمئن ان مواقفي هذه أثارت مجموعة من الكتاب الصحافيين ممن اعتبروا ان لهم ضحايا من الحملة التي اطلقتها ضد الفساد في الوزارة بتشجيع أو بدعم من اسلوب النائب البراك فكانت كتاباتهم مملوءة بالاستهزاء والسخرية والتشكيك في اجراءاتي الإصلاحية وطمس وتشويه قراراتي في هذا الصدد.
أعود وأقول ما كان لي ان أتصدى لهذا الموضوع الا استجابة للنائب البراك الذي قال «هؤلاء الوزراء أمامك وأمام الجميع فليقل أي منهم خلاف ذلك»! ولذلك قلنا هذا!
ولله الحمد والفضل والمنة كان ذلك يجري أمامي وألمسه لمس اليد لما يجري من فساد وأكاذيب، ولكنني أزعم ان مواقفي كانت تنبع من رقابة رب العالمين الذي أقسمت باسمه سبحانه وتعالى ان أكون أمينا على مصالح البلاد والعباد، وذلك أمام صاحب السمو الأمير حفظه الله تعالى وأمام ممثلي الشعب في مجلس الأمة، وهو ليس طعنا في هذا النائب أو في غيره ولكن لابد في هذه الجزئية ان أتحدث بوازع من ضميري.