التخبط والإهمال الحكوميين مستمران، وعدم القدرة على التحكم في المصروفات وزيادة وتكرار المخالفات المالية والإدارية في الأجهزة الحكومية صفة لصيقة ومن دونها لن تكون هنالك حكومة، لم أبد رأيي هذا في أداء الحكومة من فراغ، لأن هذا هو رأي الحكومة نفسها ومجلس الأمة اللذين لن يستطيعا اليوم أو غدا القضاء على الفساد المالي والإداري وهناك إثباتات وتقارير تشهد على ذلك، وهناك أيضا أجهزة رقابية حكومية تشهد بذلك.
تقرير ديوان المحاسبة 2013/2014 رصد مخالفات مالية تتمثل في صرف هدايا عينية ونقدية ومكافآت مالية ورواتب لقياديين من دون وجه حق، وكذلك عدم تطبيق النظم الإدارية حسب قانون الخدمة المدنية المتمثل في عدم الالتزام بنظام البصمة والإجازات بكل أنواعها، كما أن هناك ديونا حكومية لم تسدد وصلت الى 150 مليون دينار .
هذا جزء من التقرير، لكن لو استعرضنا تقرير ديوان المحاسبة لجميع الجهات الحكومية فسنجد هناك ملايين الدنانير المهدرة سنويا، وهو أمر يتكرر.
لدى الديوان 90 مراقب شؤون توظف يراقبون 35 جهة حكومية، ما بين وزارات وإدارات حكومية وهيئات ذات ميزانية ملحقة ومستقلة يسندهم عدد من المستشارين والموظفين الإداريين، وان عمل مراقب شؤون التوظف يشمل متابعة شغل الوظائف الإشرافية في الجهات الحكومية والالتزام بالدوام «البصمة»، ومتابعة موضوع منح البدلات والعمل على منع الهدر المالي بالجهات الحكومية في مجالات المهمات الرسمية وبرامج التدريب واللجان وفرق العمل ويتم رفع تقرير كل ستة شهور الى مجلس الوزراء يتضمن كل الملاحظات التي تم رصدها في الجهات الحكومية وما تم تصحيحه من مخالفات وما لايزال قائما من دون تصحيح، كما انه يتم رفع تقارير ربع سنوية لجهاز متابعة الأداء الحكومي تتضمن الملاحظات التي تم رصدها في الجهات الحكومية الخاضعة للرقابة وما تم تصحيحه، وللأسف تتكرر المخالفات سنويا.
كما أن هناك مراقبين ماليين ومفتشين من وزارة المالية في الجهات الحكومية يدققون ويراقبون ميزانيات ومصروفات هذه الجهات ويرفعون تقارير بهذا الشأن تفيد بوجود مخالفات مالية، تتكرر سنويا، جميع هذه المخالفات التي رصدها ديوان المحاسبة وقطاع مراقبي شؤون التوظف وممثلو وزارة المالية بالجهات الحكومية، تتركز في الباب الأول الخاص بالمرتبات التي تستحوذ على اكثر من 45% من اجمالي مصروفات الميزانية، وهو مؤشر على اختلالات هيكلية في الميزانية العامة للدولة، كما أن هناك جهاز متابعة أداء الحكومة الذي قد لا يتدخل حاليا في المخالفات المالية وانما في المشاريع الحكومية ومتابعة سيرها حسب المواصفات الفنية والفترة الزمنية والتصميم الهندسي ويرفع بها تقارير الى مجلس الوزراء.
وما زاد الطين بلة هو المقترح الأخير المقدم من مجلس الأمة لإنشاء جهاز المراقبين الماليين الذي اعترض عليه وزير المالية، والذي قد يؤدي الى ازدواج وتعدد غير مبررين في أجهزة الرقابة المالية، مما ينجم عنه تضارب الاختصاصات، وقد يؤدي كذلك الى شل الجهاز الاداري للدولة عن ممارسة اختصاصاته.
بوجود كل هذه الأجهزة الرقابية لم تستطع الحكومة وقف المخالفات وهدر المال العام، فهل إنشاء جهاز المراقبين الماليين سيوقفها؟! أعتقد الجواب لا ومتأكد من ذلك.
وبما أن المخالفات المالية مستمرة وهدر المال العام مستمر وبعلم مجلس الوزراء، فما فائدة وجود أجهزة حكومية رقابية تتشابك وتتداخل اختصاصاتها وفوق هذا إنشاء جهاز المراقبين الماليين، أعتقد أن على الحكومة ومجلس الأمة التخلص من المستشارين الذين تستند اليهم في مثل هذه الاقتراحات التي لاتسمن ولا تغني من جوع، حتى لا تقع في المحظور ويحدث مزيد من المشاكل بدلا من حل الحالي، لذلك أقترح إلغاء ديوان المحاسبة وقطاع مراقبي شؤون التوظف والمراقبين والمفتشين الماليين التابعين لوزارة المالية وجهاز المراقبين الماليين المقترح لعدم الجدوى، لأن وجودها وعدمه سيان، فلن تستطيعوا بهذا وقف المخالفات المالية والهدر في المال العام، وهذه نصيحة من مواطن وليست من مستشاريكم: اعتمدوا هيئة مكافحة الفساد لرصد المخالفات المالية والإدارية وإحالتها الى التحقيق ومن بعدها إلى القضاء.. والله أعلم.
www.kuwaiticonsultant.com