منذ أن أعلن عن الانتهاء من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني بين طهران ودول الغرب بقيادة الولايات المتحدة دارت الماكينة الإعلامية الإيرانية لتهلل بالنصر المبين على الغرب وفي المقابل دارت الماكينة الإعلامية الأميركية المؤيدة للرئيس أوباما وحزبه لتهلل بالانتصار ايضا حتى أنك تحتار من تصدق (!) وتجد نفسك تتساءل: هذا الاتفاق في مصلحة من؟!
إيران التي تنازلت كثيرا في هذا الاتفاق كان لها هدف واضح وهو الإسراع في الإفراج عن ملياراتها في الغرب لتستطيع سد أفواه الموالين لها من كتائب وأحزاب وقوى في المنطقة علاوة على المستأجرين من الكتاب والإعلاميين في شتى أنحاء المعمورة خشية ان ينقلب عليها هؤلاء والذين انتظروا كثيرا هذه المليارات وبفارغ الصبر.. ناهيك عن الفروض التي ستقدم لروسيا وكوريا الشمالية بحكم دعمهما لإيران طوال السنوات الماضية.
أما الولايات المتحدة فقد حاول رئيسها وحزبه الانتهاء من هذا الاتفاق مع التنازل ايضا عن الكثير قبل حلول الانتخابات الرئاسية التي قد تطيح بالحزب إذا لم يضم إلى إنجازاته هذا الاتفاق الذي طال أمده وفي النهاية الولايات المتحدة مستفيدة من بقاء إيران على سياساتها التي تقدم لها أفضل الخدمات مع حليفتها إسرائيل دون عناء او مغامرات جديدة في الشرق الأوسط.
من الخاسر إذا؟ إنه ولا شك المواطن الإيراني البسيط الذي يعيش على حسابه تلك الكتائب والاحزاب بينما هو يعيش حالة من العوز والفقر في بلد غني بالنفط يقدر إنتاجه اليومي في الأحوال الطبيعية العادية بنحو 4 ملايين برميل يوميا.
النظام الإيراني ومرشده الاعلى يعلم تمام العلم أنه مهدد إلى حد بعيد بالغضب الشعبي في الداخل بسبب هذه السياسة الداعية الى المذهبية ومحاولات الهيمنة على دول المنطقة فيما الداخل الايراني يعيش أصعب فتراته، حيث يضطر الملايين من الإيرانيين الى السفر للخارج بحثا عن الرزق في دول ربما أفقر كثيرا من ايران بلدهم الأم.
وما بين النصر المبين الإيراني والعظيم الأميركي يظل الخاسر الأكبر هو الإسلام والعرب وخاصة دول الخليج التي تلهث وراء التسلح بأكبر قدر ممكن من الأسلحة الأميركية والغربية لمواجهة الخطر الإيراني وتدخلاتها في دول المنطقة من العراق الى سورية ولبنان الى اليمن والعبث داخل دول الخليج نفسها بالخلايا النائمة والقائمة والمستترة وراء عدة أحجبة.
وإن كانت إيران تقدم خدمات جليلة للغرب وتحديدا أميركا وإسرائيل وتقوم هي بدور مقلّب الشعوب على بعضها عن طريق المذهبية البغيضة فإنها لا تعي ان إضعاف دول المنطقة إضعاف لها بشكل خاص، حيث إنه وبعد خراب تلك الدول لن تتوانى إسرائيل وأميركا في تدميرها بطرق شتى بما فيها عسكرية ستقلب الموازين في الداخل الإيراني.
التدليس ومحاولات قلب الحقائق التي يحاول نظام المرشد الأعلى القيام بها وترسيخها لدى عقول العالم لا تصدق ولا تدخل العقل ولا تتسق والمنطق.. ومحاولات طهران إيهامنا بأن عدوها الأول هو الأميركان والصهاينة لا تنطلي على أحد ولا على الشعب الإيراني نفسه.. لذلك نقول.. مهما دارت الماكينة الاعلامية الايرانية والموالين لهذا النظام فإنها لن تغير المفاهيم ولا الحقائق لأنها واضحة وضوح الشمس والأيام بيننا.
[email protected]