«تركيا».. أصبحت هي الدولة المحور لاهتمام العالم في الأيام الماضية.. واللاحقة لفترة طويلة بسبب الانقلاب الذي فشل فشلا ذريعا أمام الشعب الذي تصدى بقوة معلنا نهاية عهد الانقلابات في ظل ديموقراطية ذاقها ولن يتنازل عنها مهما كان الأشخاص أو الجهات التي تقوم بهذه الانقلابات.
نعم اختلفت الرؤى والتحليلات فهناك من أيد وهناك من عارض وهناك من حلل عكس الآخر.. وهناك من وضع سيناريوهات مختلفة ومتضادة.. ولكن الثابت أن الانقلاب حدث والانقلاب فشل وعاد اردوغان وحزبه للحكم في اقل من سويعات قليلة.
ولاشك أن في الانقلاب التركي دروسا وعبرا لا يمكن نكرانها وستظل محفورة في سطور التاريخ التركي والعالمي على الرغم من أن كل طرف سواء مؤيد أو معارض لهذا الطرف أو ذاك جعل من الانتصار وحتى وإن كان لسويعات قليلة أداة لجلد الطرف الآخر بعيدا عن الديموقراطية وما تعنيه من معنى.
ولاشك في أن الشعب التركي ضرب مثلا وأعطى العالم درسا لن ينسى في دفاعه عن الديموقراطية.. وحيث أن الجميع من كل التيارات والشرائح يعمل ويقوم بالمشاريع من أجل الشعب فكان دفاع الشعب عن مشاريعه وعن افكاره وعن العقول وعن الارادة دون النظر للأشخاص وهذا هو الفرق.
الاحزاب التركية لم تصفق للانقلاب ولم تؤيده بل عارضته رغم أنها معارضة للحكومة لأن ثقافة هذه الاحزاب تجعلها تدافع عن العقل والمنطق حتى وإن كان يعطل حلمها في الصعود للسلطة لأنهم يدافعون عن ثقافتهم ورؤيتهم وليس اردوغان أو غيره وهو للأسف ما لا تفهمه شعوب العالم الثالث.
الأحزاب التركية تسعى للسلطة كأي أحزاب في العالم.. ولكن الفارق بينها وبين الآخرين أنها تسعى لتكريس الديموقراطية التي تراها السبيل لكرامتها وتحقيق النهضة المرجوة في بلادها دون النظر لمصالح شخصية آنية زائلة.
الوضع في دول العالم الثالث مختلف حيث الديموقراطية هي السبيل للأحزاب لتحقيق المصالح الشخصية وهي ليست إلا سلما للصعود وتحقيق هذه الأهداف الشخصية.. وهذا هو الفارق الواضح أيضا بين حزب كالعدالة والتنمية الإسلامي التركي والتيارات الإسلامية العربية فحزب العدالة التركي درسوا واقعهم وتعايشوا معه ما منحهم الثقة وجعل الناس تلتف حولهم.
هل خرجت من تركيا فتوى تدعو لعزل الآخر؟ هل شاهدنا من يدعو لسفك دماء من يعارض الحكومة؟ أو العكس؟؟ هذا هو الفرق بيننا وبينهم فما أكثر فتاوى العزل والتكفير وإهدار الدم في وطننا العربي من هؤلاء الذين أساؤوا للفتوى وجعلوها أداة لتحقيق غاياتهم.
وبعد أن فشل الانقلاب نتفهم انزعاج دول الغرب من تركيا كونها دولة مسلمة نهضت وأصبحت قوية مما يشكل لها خطرا محدقا.. لكن ما لا أفهمه هو لماذا تزعج شعوب العالم الثالث من نهضة دولة مسلمة مثلهم!!
[email protected]