إن تحمل الامانة والمسؤولية ليس بالشيء اليسير والهين، لأن الانسان محاسب على ذلك امام الله يوم القيامة مصداقا لقوله تعالى (وقفوهم انهم مسؤولون)، فكل من تولى مسؤولية صغيرة او كبيرة سيقف امام الله يوم القيامة ويحاسب، وهنا لا ينفع الانسان الا عمله ومصداقيته، اما الناس فقد وضعوا لأنفسهم دساتير وقوانين تنظم وتوجه هذه المسؤولية، فالدستور الكويتي بمذكرته التفسيرية اسهب في شرح هذه القضية بل وحذر من المبالغة في اعطاء ضمانات للسلطة التنفيذية تحول دون تحمل المسؤولية السياسية سواء كانت لرئيس الوزراء او وزرائه، اذن المسؤولية السياسية هي الشعور وتحمل تكاليف العمل او الجهة التي تكون تحت اشراف الوزير او المسؤول مع الاستعداد لأي اجراء يتخذ في حال التقصير او التجاوز او الفشل.
في الدول المتقدمة او المتحضرة دائما ما يتحمل المسؤولية اعلى الهرم ورأس المؤسسة، أما في دول العالم الثالث والدول المتخلفة فدائما تلقى المسؤولية على الصغار والضعفاء حتى يكونوا ستارا للكبار وللاسف.
ولو اردنا تطبيق المفهوم السابق على وزراء الحكومة الكويتية لوجدناه بعيدا جدا عنهم بل لا تكاد تجد وزيرا واحدا يطبق هذا المفهوم الدستوري الواضح، فعلى سبيل المثال، هل يتحمل وزير التنمية المسؤولية عند فشله في تطبيق خطة التنمية؟ وهل يبادر وزير التجارة بتقديم استقالته لعدم قدرته على تطبيق قانون منع الاحتكار والحد من ارتفاع الاسعار؟ وهل سيقوم وزير الصحة بالتخلي عن منصبه عند اكتشاف حالات التزوير في معاملات العلاج بالخارج؟ وهل يبادر وزير الشؤون بتحمل المسؤولية في الازمة الرياضية وكارثة عدم رفع علم الكويت في آسياد الصين؟ كذلك وزير الداخلية الذي يتحمل المسؤولية والفشل في حل الازمة المرورية او في التجاوزات على الحريات وقمع الندوات مثلا؟ كذلك وزيرة التربية عند اكتشاف الوجبات المنتهية الصلاحية؟ ووزير البلدية في حادثة محطة مشرف واللحوم الفاسدة؟ واخيرا وزير النفط في ازمة الغاز في بيوت الاحمدي؟
فهل يشعر كل هؤلاء الوزراء بالمسؤولية ويكون لديهم حس مرهف من الناحية الادبية لكل نقد او تجريح؟ خاصة اذا ما استند ذلك الى ادلة وحقائق دامغة.
اننا هنا نوجه وننظّر وننصح ونتمنى ان نكون بهذا المستوى من تحمل المسؤولية، خاصة بعد ان فقدنا الامل في البرلمان الذي هو المسؤول الاول عن محاسبة الوزراء وتحميلهم مسؤولياتهم وفقا للدستور، فمجلسنا مختطف من الحكومة، وللاسف لم يبق لنا الا التنظير والتمني، فهل يتحقق لنا ما نريد؟ الله اعلم.
[email protected]