لعل أفضل ما في موضوع إسقاط الفوائد والجدل الدائر حولها هو بروز الفتوى الشرعية والاستعانة بها من كلا الطرفين لدعم وتأييد وجهة نظره.
والمفارقة العجيبة أن من كان قبل أسابيع قليلة يقول نحن في دولة مدنية يحكمها القانون أصبح ينادي اليوم بالامتثال للفتوى والرأي الشرعي في موضوع قانون إسقاط الفوائد، فسبحان الله الذي قال في محكم تنزيله (وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون. وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين).
فهؤلاء النواب أصحاب التوجه الليبرالي أصبحوا يستشهدون بالفتوى الشرعية لأنها وافقت هواهم هذه المرة، ونحن نقول لهم وللجميع إن الرجوع إلى أمر الله ورسوله هو الحق وفيه الخير وصلاح الأمور لأننا بطلب الفتوى نحن نريد حكم الله والشرع في هذه القضية أو تلك، وهو بلا شك توجه صائب يجب أن يتخذ منهجا في جميع القوانين التي يناقشها المجلس إذا لزم ذلك.
ومن المهم كذلك أن نعلم أنه قد تتعدد الفتاوى في نفس الموضوع إذا كان الموضوع يسوغ الخلاف فيه، ومن صدرت منهم الفتاوى هم علماء معتبرون مشهود لهم بالعلم والتقوى، وفي هذه الحالة يجب أن يتسع الصدر بين الأطراف المختلفين وأن نحسن الظن ببعضنا وألا نزايد على بعض فالكل حريص على معرفة الحكم الشرعي والسعي إلى تحري الحلال والحرام خاصة إذا كان أطراف الخلاف ممن عرف عنهم الالتزام بالدين والحرص على الثوابت الشرعية.
إن ما يشرح الصدر في نقاش قانون إسقاط الفوائد هو تداول موضوع الربا على أنه كبيرة من الكبائر وجريمة في حق الله والمجتمع، وأصبح أكثر من طرف ينادي بإلغاء الربا ومحاربته وأنه هو السبب فيما حل بنا من مشاكل القروض ودمر الكثير من الأسر وتسبب في أزمات لا يعلمها إلا الله.
أسأل الله تعالى أن يرشدنا إلى الامتثال إلى شرعه، وأن الخير والصلاح والسعادة في الامتثال لأمر الله ورسوله، والشر والبلاء والمصائب تأتينا إذا ابتعدنا عن شرع الله ولجأنا إلى القوانين الوضعية التي نجني ثمارها المدمرة في هذا الوقت ولا نعلم ما هو مخفي لنا في المستقبل.
وحسبنا قول الله تعالى (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر. ذلك خير وأحسن تأويلا).