عبدالوهاب الفهيد
في بداية الثمانينيات كنت في زيارة لإحدى دول الخليج الشقيقة وكنت مارا في شارع فرعي فاستوقفني أمر أثار استغرابي ودهشتي لدرجة كبيرة، فقد رأيت أحد الوافدين الهنود يأخذ حذاءه ويضرب شابا من دولة عربية على وجهه وأمام زوجته وولديه وأمام مرأى من المارة، والعجيب ان الشرطي (الهندي) انتفض لنجدة بني جنسه وأخذ يساعد ذاك المعتدي في اعتدائه.
ولما رأيت هذا المنظر قلت في نفسي: الحمد لله ما عندنا هذه الظاهرة في الكويت، ولو حصلت عندنا لكان باطن الأرض خير لنا من ظاهرها.
ومرت السنون حتى قدر الله للكويت ان تستعين بعمالة لم يكن لها وجود في الكويت أبدا، فبدأنا نرى البنغاليين يجوبون البلاد في مطلع الألفية فظننا انهم مثل تلك الجاليات غير العربية جاءوا لرزقهم، ولكننا فوجئنا بالكثير الكثير من غطرستهم وسوء أدبهم وعدم احترامهم لقوانين البلد، ناهيك عن ما أحدثوه من السرقات وادارة أماكن الدعارة وبيع الخمور وغيرها مما تطالعنا به الصحف اليومية بصورة مستمرة ومقززة! وحدث لي انني كنت في محطة البنزين انتظر ـ كالعادة ـ العامل يعبئ لي البنزين فلما لم يأت ، قمت أنا بالتعبئة ثم فوجئت ان العامل يقف بجواري ينظر إلي ويقول: «انت ما يتكلم ما يقول شنو يبي؟ أنا شيسوي»؟ (بصوت حاد وعال) فقلت له: اشوي اشوي! فرد بصوت عال «شنو يسوي... ها...! ها...!» فأخرجني عن هدوئي فقلت له: والله زين يسوون فيكم عمالة تعبانة، نحن نساعدكم دائما لكن مع الأسف أكثركم ما يستاهل، فأعرض عني ملوحا بقبضة يديه - المتشنجتين - وهو يقول بصوت عال: «بنغالي قوي.. كويتي شنو»! هذا شعار جديد لهذه الجالية التي فرضته من منطق القوة أو منطق ما عندك أدينك فيه.
فشركات العمالة هي من ساهمت في خلق هذا المنطق عن تلك الجالية، وسياسة حكومتنا أيضا لها دور بالتأكيد في ترسيخ هذا المفهوم عندهم.
فذاك القط الوديع صار أسدا ضاريا ومن أبرز الأسباب التي جعلت العمالة البنغالية تقوم في حركتها الاضرابية تدخل بعض أعضاء السفارة البنغالية، وتواجدهم في موقع الإضرابات ومساهمتهم في توزيع المنشورات على العمال ووقوفهم معهم في هذا الإضراب، وهذا يعد تحريضا وتأجيجا للفتن في مجتمعنا الآمن.
وخرجوا على الأعراف الديبلوماسية الدولية المتعارف عليها - ويجدر بالمسؤولين في هذا البلد ان تكون لهم وقفة جادة وحازمة في هذا الموضوع حتى لايتكرر هذا وحتى لا تكون واجهة البلد ضعيفة أمام تيارات متهالكة تحسب انها أقوى من البلد التي احتوتهم وفتحت لهم أبواب الخير.
ونحن لا نؤيد الظلم وندين كل من ساهم في ظلم أي جالية وقع عليها مثقال حبة من خردل من ظلم، فإن الله يحب الأمة التي ترفع الظلم عن الظالمين.
وأنا أتساءل كما تساءل الزميل ذعار الرشيدي في إحدى مقالاته هل السفارة البنغالية أقوى من الحكومة؟!