عبدالوهاب الفهيد
قبل بدء العملية البرية الاسرائيلية على قطاع غزة بأيام كان اولمرت رئيس وزراء اسرائيل وبرفقته إيهود براك وزير الدفاع قد زارا قيادة المنطقة الجنوبية وسألا قائد المنطقة (يواف جلنت): أيمكن تحقيق هدف العملية، اي عملية ايقاف صواريخ حماس بغير عملية برية، فأجاب جلنت: من الناحية النظرية نعم، واما بالفعل فإن «حماس» لن تنحني بغير عملية برية سيستمر اطلاق الصواريخ اذا لم ندخل فتصبح عسقلان واسدود مدينتين مهجورتين، ان طول التهدئة التي ستأتي بعد ذلك سيكون على قدر الضربة التي نوجهها.
هذا ما نشرته الصحيفة الاسرائيلية «يديعوت احرونوت» لتبرير بدء العملية البرية واجتياح قطاع غزة بهدف ايقاف وابعاد الصواريخ التي تطلقها حماس على المناطق الاسرائيلية القريبة من غزة، وللتأثير على الرأي العام العالمي والعربي وان هذه الحرب مبررة كغطاء امني من جانب اسرائيل وتشويه صورة حماس واظهارها بأنها هي من بدأت الحرب وللتأثير على الرأي العام في الدول العربية وقد ضغطت اسرائيل ايضا على الولايات المتحدة الاميركية ليصرح بوش منذ بداية الحرب بأن سبب هذه الحرب «حماس» ويدعوها لوقف اطلاق صواريخها.
بل ان المناورات الاسرائيلية المخادعة في تصريحاتها اخذت تركز على هذا الجانب وانها لا تهدف في هذه الحرب قتل الشعب الفلسطيني او حماس في غزة، حتى تصور اكثر الناس ان سبب هذه الحرب والمآسي هو اطلاق الصواريخ على بلدات اسرائيل ومن العجب ان هناك من اخذ يحلل في قناة «العربية» باعتباره عسكريا سابقا ويدلل على ان اسرائيل كانت تهدف الى منع وصول صواريخ حماس للمدن القريبة من غزة كعسقلان واسدود وغيرهما ويدافع عن وجهة نظره وغفل ان هذه الرؤية رسالة للعدو الصهيوني يريد ايصالها لعموم الناس لتكون مبررة لهذا العدوان.
والحقيقة ان اسرائيل قد خططت لهذا الاجتياح منذ عدة اشهر وفي اجندتها عدة اهداف تريد تحقيقها ولم تفصح عنها كما أفصحت عنها الوقائع والاحداث منذ بداية الضربات الجوية الى الهجوم البري الوحشي الذي بدأ بعده بثمانية ايام ومازال مستمرا.
فالاهداف واضحة لدى العدو الصهيوني، وهي تدمير البنية الاساسية لقطاع غزة وتخريبه والضغط على شعب وسكان غزة للتخلي عن موالاتهم لحماس كقيادة سياسية تمثل الحكومة الشرعية واسقاطها، كما يهدف العدو لإبادة المقاومة الاسلامية بشكل عام واجبار الفلسطينيين على الخضوع للشروط الاسرائيلية حول التهدئة والتي تعطي اسرائيل حق ابقاء الحصار واستمراره لمنع المقاومة الاسلامية في غزة من الوصول الى المواقع الاسرائيلية ومهاجمتها، وتهدف ايضا الى وضع معادلة امنية تفرضها على غزة لتحييد المقاومة وفصلها في غزة عن باقي المناطق بهدف اضعافها وتمزيقها وهو الامر الذي لم يتحقق لاسرائيل عام 2005 فينبغي لنا ان نعي حقيقة ان اسرائيل لا تريد الوجود الفلسطيني على الارض الفلسطينية المحتلة، ولا تريد كيانا قائما بذاته للفلسطينيين في الداخل.