تشاء الأقدار أن يتولى الشيخ محمد الخالد وزارة الداخلية ووزارة الاوقاف بالوكالة معا، في ظروف أمنية تستدعي تكاتف جميع الجهات الرسمية في العمل على تعزيز الجبهة الداخلية والحفاظ على امن واستقرار المجتمع فيما يحصل من تداعيات امنية اقليمية وتشكيلات إرهابية تستقطب الشباب الخليجي تحت ستار الجهاد، ما كانت وستكون لها اسقاطات امنية كبيرة ان لم يتم تدارك الموقف الآن.
ومن هنا يأتي قرار الشيخ محمد الخالد بصفته وزيرا للاوقاف بإعادة ترتيب بيت اللجنة العليا للوسطية لكي تواكب المستجدات المحلية والاقليمية وتؤكد تناسق العمل الامني والدعوي.
ولا شك في أن اللجنة العليا للوسطية في بداية انشائها قبل عقد من الزمان تقريبا بمبادرة من وزارة الداخلية وبالتحديد الادارة العامة لأمن الدولة جاءت احساسا منها بأهمية موضوع الشباب وضرورة حمايته من الانحراف والتطرف الفكري، حيث تجاوب مجلس الوزراء مع هذه الرغبة احساسا منه بالحاجة الماسة لهذا الموضوع.
عندئذ صدر قرار مجلس الوزراء بتشكيل لجنة مكافحة التطرف وحماية الشباب واستغلال وقتهم (قبل ان يتغير اسمها لاحقا الى اللجنة العليا للوسطية) برئاسة وزير الاوقاف وعضوية ممثلين من الجهات الرسمية ذات العلاقة وهي وزارات الاعلام والشؤون والتربية والداخلية، كما تم تشكيل لجان فرعية تضم اعضاء من ذوي الاختصاص، وتخصيص ميزانية كبيرة وتنظيم هيكلي لكي تحقق اهدافها.
تلك اللجنة كان لها دور بارز في الساحة المحلية منذ ان كان د.عبدالله المعتوق وزيرا للأوقاف، حيث وضع نصب عينيه العمل على تنفيذ اهدافها في الاهتمام بالشباب وإيجاد السبل الكفيلة لاستثمار وقت الفراغ وحمايتهم من التطرف والانحراف الفكري، وكانت له اليد الطولى في ترسيخ هذا المفهوم منذ توليه مسؤولية اللجنة وعقد المؤتمرات داخل البلاد للاستفادة من الخبرات الاسلامية في هذا الشأن.
لكن للأسف التجاذبات السياسية وقتها وأدت طموحات د.المعتوق في متابعة سياسة مكافحة التطرف، حيث دفع ثمنها منصبه الوزاري وكان لوزارة الداخلية دور بارز في تقديم الرؤية الامنية للجنة مكافحة التطرف واستثمار وقت الشباب مع الآلية التنفيذية لها، ولكن للأسف بعد فترة من الزمن اخذت اللجنة منحى آخر تم التركيز عليه وهو الانطلاق نحو العالمية لنشر الوسطية، حيث عقدت المؤتمرات والندوات خارج البلاد لتوضيح وسطية الإسلام للآخرين والابتعاد عن جوهر الهدف من انشائها وهو حماية الشباب الكويتي من الانحراف والتطرف الفكري.
نعم تأتي خطوة الشيخ محمد الخالد في الوقت المناسب لكي تعود اللجنة للعمل وفق الأهداف التي انشئت من أجلها للحفاظ على الشباب ومواجهة ما يتعرض البعض منهم من تغرير للالتحاق بالمنظمات الجهادية التي تدعي الإسلام، والإسلام براء منها، والتي راح ضحيتها العديد من شباب الكويت، وعندما نشير الى ذلك ليس التقليل من دور من ادار اللجنة سابقا، ولكن تصحيح المسار امر لا بد منه بل ملّح لكي تستعيد اللجنة حيويتها وان تسهم بشكل فعال في تحقيق اهدافها وهذا ما نرجوه ممن اكتسب ثقة وزير الداخلية ووزير الأوقاف بالوكالة في إدارة شؤون اللجنة.