من المستغرب حقا ما يشاع في المجتمع الكويتي في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي من أخبار تتعلق بالأداء الحكومي البرلماني خاصة بعد الاستجواب الأخير لوزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود مع تحفظنا الشخصي على الاستجواب وأداء الأعضاء، دون أن نسمع الرأي الحكومي وكأن الأمر يتعلق بأسرار الدولة التي لا يجوز الخوض فيها.
ولا شك أن الممارسة الديموقراطية الحقة هي أن تتقبل الحكومة إفرازات الانتخابات التي تعبر عن رغبة الشعب وبالتالي فإن أعضاء المجلس هم ممثلو الشعب ويعكسون مطالب وأولويات الناخبين، وفي الوقت نفسه ينقسم النواب ما بين ان يكون نائبا بما تحمله هذه الصفة من واجبات ومسؤوليات وأدوات لمراقبة الاداء الحكومي وإن «فعّل تلك الادوات اصبح مؤزما» ولا يتعاون مع الحكومة! وبين ان يكون نائبا هادئا مؤيدا للحكومة في كل شاردة وواردة «وهنا يشار اليه بالنائب المتعاون»!
ولا شك انه منذ ان وضع الدستور والممارسة الحكومية مع مجلس الامة تنم عن عدم رغبة بوجود مجلس يمارس صلاحياته الدستورية لكي تستأثر بالسلطة وحدها وذلك واضح من كثرة حل مجلس الامة دستوريا او تعليق العمل ببعض مواد الدستور تحت مسببات كثيرة وكأن المطلوب ان يكون الاعضاء موظفين حكوميين. طبعا لا يعقل ذلك، وينم عن ضيق في الممارسة الديموقراطية الحقة التي تهدف الى المشاركة في الحياة السياسية والمراقبة الفعالة للأداء الحكومي.
اخفاقات الممارسة الديموقراطية وضيق صدر الحكومة بها جاءا على الرغم من وقوف المعارضة الكويتية ان جاز التعبير بتسميتها وقبلها الشعب الكويتي الوفي بأكمله داخل الكويت وخارجها مع الشرعية الكويتية ابان الغزو العراقي الغاشم عام ١٩٩٠وتسطير ذلك في «المؤتمر الشعبي بجدة» ذلك الإجماع الشعبي الذي لا مثيل له يؤكد ان الكويت «وجود ونظام حكم، اسرة حاكمة، ودستور»، لا مجال للاختلاف او المساومة عليه والكل يقف سدا منيعا امام ما يحاك لدولتنا او ما تتعرض له من اعتداء.
لكن للأسف نجد النكوص الحكومي بكل الوعود بممارسة ديموقراطية حقة عند ادنى مواجهة وإثارة الشارع بالإشاعات نتيجة «لصمتها» وغياب الناطق الرسمي لها وعدم قدرتها على التعامل مع الممارسة الديموقراطية وهي بذلك كمن فقد السند المعين لتصحيح مسار الاداء الحكومي في ظل اجواء اقليمية غير صحية وغير مناسبة تهدد وجودنا جميعا.. ونحن للأسف ما زلنا في المربع الاول من الديموقراطية، لا نعي خطورتها ولعل ابلغ دليل على ذلك التراخي الحكومي في توضيح ما يحصل في الحدود الشمالية لتطمين الشعب لا تركه للإشاعات التي تؤثر على تماسك الجبهة الداخلية وكذلك بالنسبة لممثلي الامة بالدعوة لجلسة طارئة الآن وليس بعد اسبوع، حيث ان الاحداث متسارعة تتطلب اداء حكوميا وبرلمانيا نوعيا يتجاوز اي شائبة او ممارسة نتيجة الاداء ولنا في الممارسات النيابية بالدول المتقدمة خير مثال دون ان يتم تضخيم الامور او الاستئثار بالقرار.
[email protected]