[email protected]
أسلوب إدارة المشاريع الكبرى وترسية المناقصات لمشاريع البنية التحتية يتطلب التدقيق عن الشركات المتقدمة، وعدم القيام بذلك لا شك يكشف عن خلل إداري جسيم في عمل لجنة المناقصات المركزية ووزارة الأشغال العامة وغيرها من الجهات الحكومية.
أشير الى ذلك فيما يتعلق بخبر توقيع وزير الأشغال العامة قبل أسبوعين وبتغطية إعلامية وتصريحات من كبار المسؤولين بالوزارة، عقد طريق النويصيب بمبلغ يقارب 170 مليون دينار مع الشركة الفائزة بالمشروع وقبل أيام قليلة ووفقا لما نشر ويتداول في وسائل التواصل الاجتماعي ودون صدور بيان رسمي واضح، أوقف الوزير العقد نتيجة وجود غرامات بأكثر من 30 مليون دينار على الشركة الفائزة بأحد المشاريع المنفذة سابقا بناء على ملاحظات ديوان المحاسبة حتى ظنناه كذبة أبريل.
امام هذا الخبر والإجراء اللاحق للوزير يتضح بكل جلاء التسيب في ادارة المشاريع ومتابعتها من الجهاز الفني المعني بذلك في عدم الحفاظ على المال العام وإهداره، الأمر الذي يتطلب محاسبة المسؤولين ان كنا جادين في المحاسبة.
كما ان هناك نقطة مهمة تستوجب الوقوف عندها وهي كيف يقوم الجهاز المعني بوزارة الأشغال بإعداد العقد مع لجنة المناقصات وهم بلا شك على علم بوجود غرامة تأخير على الشركة عند تقديم عرضها لتنفيذ المشروع؟ وتساؤل اخر لماذا لم يقم المسؤولون بوزارة الأشغال بإعلام الوزير عن تلك الغرامة قبل توقيع العقد؟ أليس هذا دورهم؟! ثم أين عملية تقييم أداء الشركات المنفذة لمشاريع الوزارة؟ وهذا بحد ذاته خلل جسيم لا يقف عند المطالبة بالغرامة بل يضع علامة استفهام كبيرة حول المشاريع برمتها من حيث اجراءات الترسية والتي لا ترتقي الى جودة الإنشاء، وخير دليل على ذلك مناقصات تنفيذ الشوارع والطرق او ما يعرف بتطاير الحصى دون ان نعرف الى الآن من المتسبب لأن التحقيق ينتقل من لجنة الى اخرى.
ومن هنا فإن قيام الوزير بإيقاف العقد الى ان تدفع الشركة الغرامة المترتبة عليها ليس حلا. بل المطلوب منه التحقيق الفوري في ملابسات العقد وإخفاء معلومة جوهرية عنه.
وأنا على يقين بأن الشركة لن تدفع تلك الغرامة الكبيرة وستطالب بتنفيذ العقد وأن الإخلال من الوزارة.. وما بين هذا وذاك يتعطل المشروع دون أن نجد محاسبة على هذا التسيب.
ومن هذا الواقع فان الأمر يتطلب من كل من لجنة المناقصات ووزارة الأشغال استبعاد أي شركة عليها التزامات مالية للدولة والاستئناس برأي ديوان المحاسبة عبر تقاريره والتي للأسف تكتب دون أن نرى أي اثر لها وهذا ما يتضح من تمرير ميزانيات الجهات الحكومية من قبل مجلس الأمة المليئة بالمثالب المحاسبية التي رصدها ديوان المحاسبة، وكأن تلك التقارير تحصيل حاصل.. فهل نرى تحركا حازما من وزير الأشغال ومحاسبة المسؤولين الذين وضعوه في هذا الموقف المحرج بعد حفلة التوقيع التي لم تستمر طويلا ام ان الموضوع له تداعيات أخرى؟!