محنة إنسانية تتعرض لها الأقلية المسلمة في بورما على أيدي الأكثرية البوذية الحاكمة، وما تقوم به من قتل وحرق وتشريد ممنهج مقابل تنديد خجول ومتواضع من دول العالم المتحضر، وبالأخص العالم الإسلامي وكأن ما يحصل يأتي من ضوء اخضر للقيام بتلك الأفعال اللا إنسانية وفقا لما نشاهده وتنقله وسائل الإعلام العالمية.
تلك الدولة - التي تقع في آسيا وتسكنها أقليات تشكل الطائفة البوذية الأغلبية وتأتي بعدها الأقلية المسلمة التي تشكل 20% من السكان البالغ عددهم 50 مليونا - شهدت في الماضي حكما دكتاتوريا واضطهادا لحقوق الإنسان، أدت إلى إدانة دولية أممية عام 2009 عما تقوم به الحكومة البورمية، على اثره قامت معارضة مدنية لسنوات عديدة بقيادة المعارضة البارزة «سو تشي» التي حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991 وقبلها على جوائز عالمية أخرى كجائزتي «سخاروف» ونهرو الهندية تقديرا لإيمانها بالتغيير السلمي بعيدا عن العنف ولدورها الفعال في انتقاد الدكتاتورية في بلادها والانتصار لحرية الشعوب، وتشاء الصدف أن تترشح للعمل السياسي بما تملكه من شعبية كبيرة ويفوز حزبها في الانتخابات لتتولى المسؤولية السياسية في بلادها عام 2015 على أمل أن تنعكس أفكارها ومبادئها على أدائها السياسي في تحقيق العدالة الاجتماعية في مجتمعها الذي مزقته أعمال العنف والقتل بين الأكثرية والأقلية والتغلب على الاضطهاد الذي يعانيه المسلمون فيها.
ولكن للأسف اتضح تأييدها لما يقوم به الجيش وكذلك الجماعات المتشددة من تطهير عرقي ضد الأقلية المسلمة ضاربة بعرض الحائط تلك الأفكار والقيم الديموقراطية التي آمنت بها، وسكوتها عما يحدث تحت بصرها من قتل ممنهج للمسلمين، وبهذا السلوك يتضح بأنه لا جوائز عالمية تغير الأفكار المتحجرة في عقول المتعصبين أو المنادين بالديموقراطية، وانه بمجرد الوصول إلى سدة الحكم يتم تناسي الحقوق الإنسانية وهي بذلك أي «سو تشي» الحائزة على جائزة نوبل للسلام كان عليها على الأقل أن تقدم استقالتها من الحكومة التي ترأسها تنديدا بأعمال التطهير العرقي في بلادها الذي كافحت من أجله بتحقيق الديموقراطية حفاظا على تاريخها السابق المشرف الذي أهلها للحصول على جائزة نوبل للسلام وبتصرفها هذا تستحق بكل جدارة «جائزة نوبل للإجرام» لتأييدها الإجراءات القمعية للأقلية المسلمة وخاصة تصريحها الذي وصف المسلمين العزل بالإرهابيين وخروجها عن مبادئ وشروط الجائزة المرموقة. [email protected]