مراقبة أداء السلطة التنفيذية والتشريع، المهمة الأساسية لعضو مجلس الأمة، وأي إخلال بهذه المهام لا شك ستكون هناك علامات استفهام حول العلاقة بين العضو والسلطة التنفيذية والتي اقسم كل عضو فيهما على الحفاظ على الدستور وحماية الأموال العامة.
وقد حدد الدستور الكويتي سبل تحديد رواتب السلطة التشريعية وفقا للمادة (119) التي تنص على: «تعين بقانون مكافآت رئيس مجلس الأمة ونائبه وأعضائه» وهذا يتناقض للأسف مع ما أثير من تلقي العديد من الأعضاء رواتب استثنائية من السلطة التنفيذية الى جانب مكافآتهم التي حددها القانون لهم! ووضعوا انفسهم للأسف في موضع تساؤل هم في غنى عنه، ولنا الحق ان نتساءل بأي حق تقوم السلطة التنفيذية بالتصرف في الأموال العامة وتهب لعضو السلطة التشريعية المعني بمراقبتها معاشا استثنائيا؟!
كما نتساءل ايضا كيف يحق بل ويتقبل عضو مجلس الأمة ان يتلقى راتبا استثنائيا وهو المعني الأول بمراقبة الحكومة وأوجه أدائها وتصرفها بالمال العام؟! أو منذ ظهور انباء تلك المعاشات الاستثنائية الى العلن للأسف فوجئنا بالتبريرات الصادرة من العديد من الأعضاء لحصولهم على تلك المعاشات الاستثنائية، كما اننا هنا نستغرب من توجه احد الأعضاء الى تفسير المادة (119) من قبل المحكمة الدستورية، حيث ان الأمر واضح وضوح الشمس وفقا للمواد الدستورية.. ونقولها بكل صراحة ان الحفاظ على المال العام مسؤولية السلطتين بل ومسؤولية كل مواطن وفقا لما نصت عليه المادة (17) من الدستور التي تنص على ان: «للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجب كل مواطن» ومن هذا المنطلق فإن حصول العضو على راتب استثنائي مخالف للدستور وشبهة يشترك فيها مع السلطة التنفيذية التي صرفت المعاش الاستثنائي، كما ان لنا الحق ان نتساءل لماذا لم يتخذ الأعضاء الطريق السليم لزيادة مكافآتهم بالتشريع؟ وهنا نستذكر التزام سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، بالدستور فيما يتعلق بمخصصاته المالية التزاما بنص المادة (78) التي تنص على: «عن توليه رئيس الدولة تعين مخصصاته بقانون، وذلك لمدة حكمه» وهذا ما تم اتخاذه وفقا للإجراءات المعتادة دون أي تجاوز.
ونافلة القول ان أي تجاوز على المال العام مهما كانت قيمة هذا التجاوز دينارا او ملايين فهو بحد ذاته إخلال بالمسؤولية الملقاة على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية وقبل ذلك اخلال ديوان المحاسبة بواجباته وهو المعني بأوجه الصرف المالي للدولة وما تقيدها بالاشتراطات والقوانين تجاه ذلك.
فهل يعي السادة الأعضاء ممن صرفت لهم تلك المعاشات الاستثنائية تبعات ذلك؟! وما زال الأمل معقودا بهم ان يعودوا الى جادة الصواب واتباع الإجراءات الإدارية والدستورية في زيادة مكافآتهم بدلا من تفضل السلطة التنفيذية عليهم مما يضعهم جميعا في دائرة الشبهات الدستورية.
[email protected]