أحمد الحشاش
شيء جميل ان يتم تطبيق نظام البصمة على كثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية. فهي خطوة جيدة تساهم وتحافظ على مصلحة البلد وتحقق مصالح المواطنين، لاسيما المراجعين في الدوائر الحكومية والذين يشكون في اغلب الاحيان من عدم تواجد بعض الموظفين لانهاء معاملاتهم.
كما انها تساهم ايضا في التصدي للمحسوبية والوساطة وتحارب الفساد الاداري. فنظام البصمة الذي يتم تطبيقه حاليا على الموظفين في معظم الوزارات والهيئات الحكومية دليل واضح على المضي قدما نحو الاصلاح، الا ان هذا النظام الرقابي الذي يسجل بدقة دخول الموظف اثناء بداية الدوام الرسمي ونهايته من خلال قراءة بصمة الموظف أصبح للاسف مخترقا من ضعاف النفوس الذين لا يعرفون سوى العيش في مرتع الفساد الاداري.
ولعل البعض منهم يعمل في الجهة الرقابية التي تحافظ على اجهزة البصمة وتدقق في صحة وتواجد الموظفين اثناء ساعات الدوام الرسمي. فقد حدثني احد الاصدقاء الذي يعمل موظفا في وزارة خدمات ان نظام البصمة لديهم يتعرض يوميا الى اختراقات من قبل بعض مراقبي الدوام مستغلين معرفتهم بفك الشفرات وبرمجة الجهاز يعني بالعربي «حاميها حراميها».
فهؤلاء يقومون بفك شفرات جهاز البصمة ويبرمجون الجهاز لكي يصلوا الى اسمائهم واسماء من يريدون ان يخدموهم من اصدقاء فيلغون ارقام ملفاتهم المسجلة بالجهاز وجميع بياناتهم بما فيها قراءة البصمة ثم يعيدون برمجة الجهاز مرة اخرى ويضعون ارقام ملفاتهم من جديد وجميع بياناتهم فيطلب منهم الجهاز تلقائيا وضع البصمة لاستكمال البيانات، لكنهم يقومون بإغلاق الكاميرا التي يتم وضعها في جهاز البصمة ويطلبون من بعض الفراشين وضع بصمتهم نظير مبلغ من المال فيحفظها الجهاز على انها بصمة صاحب البيانات فكلما قام الفراش بوضع ابهامه على الجهاز ظهرت له بيانات الموظف ويتم تأكيد حضور هذا الموظف وهو نائم في فراشه وهكذا وببساطة لا يستطيع احد ان يثبت ان الموظف لم يحضر الى الدوام الرسمي فبصمته وبياناته ظاهرة في جهاز البصمة. وطبعا يجب ألا ننسى كبيرهم الذي علمهم السحر فهو متواجد دائما للتغطية في حالة وجود مشكلة.
والغريب في الامر ان صديقا آخر يعمل في نفس الوزارة اكد لي انه منذ بدء تطبيق نظام البصمة وحتى هذه اللحظة لم يتم ادخالها بشبكة المعلومات واجهزة القطاع المالي التابع للوزارة، وان احد العاملين في رقابة ومتابعة الدوام اكد له انه لا يوجد اي دليل يثبت دخول وانصراف الموظفين سوى التقارير التي تتم كتابتها من قبلنا.
فأين المسؤولون بالوزارة عن كل هذا الهرج والمرج؟ وهل اصبح الفساد وحشا كاسرا لا نستطيع مواجهته؟ ام ان نظام البصمة في وقتنا هذا اصبح بمنزلة وسام لامع يضعه الوزير ليثبت امام الجميع انه يطبق القانون دون ان يعرف ما يدور في الخفاء أو ان صح التعبير لا يريد ان يعرف؟ اسئلة عديدة نستطيع طرحها لكننا لا نريد سوى الاجابة عن ما ذكرناه.