تراجعت وزارة التربية عن عدم السماح للطلبة البدون الذين لا يمتلكون بطاقة أمنية صالحة بالتسجيل في المدارس الخاصة وهذا أمر غير مفهوم لاسيما عندما نكون على مشارف كويت جديدة وبرؤية معاصرة، إلا أنني أعرف يقينا أن هذا القرار لم يكن مدروسا بكل أبعاده وآثاره الاجتماعية والإنسانية ولا يتوافق مع كويت 2035 وللأسف نجد الكثير من هذا العبث الإداري في الوزارات وغيرها وهو مؤشر خطير.
ألم يأن لملف «البدون» أن يغلق وأن تعطى الجنسية لمن يستحقها وأن تعدل الأوضاع لمن لا تعطى له؟ إننا لو بحثنا في دول العالم المتقدم فلن نجد أي اهتمام بالجنسية كما هو عندنا بل إن الاهتمام اليوم في مثل هذه الدول ينصب على الارتقاء بالعنصر الإنساني باعتباره قيمة اقتصادية وعامل إنتاج حقيقيا.
انه من المفجع أن ترى شبابا في عمر الزهور يعيش بلا أمل بغد مشرق بل إن روحه تغتال ويعيش اليأس بمرارة يوما بعد يوم، لقد أمرنا الله بالعدل وجعله أساسا لإنسانيتنا والعدالة طموح كل إنسان وضرورة من ضرورات الحياة وهي الأساس لأي مجتمع متقدم ومتطور ولقد ورد في رؤية كويت 2035 أنه من أهدافها وضع الكويت على طريق المستقبل في ظل تركيبة متوازنة تعزز النمو والتطور إلا انه لن يتحقق ذلك إلا بالعدل وسيادته على سائر القيم والمفاهيم والوسائل، انه من الضروري نشر ثقافة الرفاه العادل في كافة جوانب حياة الإنسان وتكريس مفهوم التواصل والتضامن الإنساني كوسيلة حقيقية لتغيير المجتمع من الانكفاء على الهوية إلى آفاق الاندماج العالمي.
إنني أجزم بأن معالجة قضية البدون ستكون خير انطلاقة لمجتمع متوازن نفسيا واجتماعيا أما غير ذلك فانه هدم متعمد لإنسانية إخواننا من البدون وتشويه لصورة المواطن الكويتي وتحريض للبعض على البعض ولو بشكل غير مباشر ولا شك أن الفعل الإنساني يتحرك نابعا من أعماق الروح فإن سيطرت على الأرواح والنفوس مبادئ متخاصمة فإن القهر سيدمر المجتمع كله وستكون الغلبة لمظاهر الشر (الفحشاء/ المنكر/ البغي).
يجب أن نعيد النظر في مفهومنا للانتماء الوطني لأن أفكارنا القديمة لا ترسم المستقبل، بل تجعلنا نتقوقع في دائرة الهوية المتأزمة مع أننا نعيش في عالم يدعو إلى قيام شراكات إنسانية فاعلة كما يجب أن نخلق أنموذجا متطورا للدولة والمجتمع والفرد يقوم على القيم الإنسانية النبيلة وعلى رؤية مستقبلية تؤسس لعالم متضامن بامتياز.
إن العدالة الاجتماعية تقوم على تكريس الإرادة الإنسانية الحرة والدعوة إلى المؤاخاة والحب والتواصل وقد بنى أجدادنا الكويت على قيم النبل والتراحم والتعاضد والاحترام المتبادل فما بالك بفئة فيها الكثير من أبناء هذه الأرض ممن يستحق وثيقتها الوطنية؟ إننا نمتلك الحل ولا ريب أن أميرنا وهو قائد المجتمع الكويتي على دراية تامة بالمعاناة الإنسانية لإخواننا البدون وهو لن يسمح لها بأن تطول فكلهم «عياله» وهو نعم الأب لكل من على هذه الأرض الطيبة.