نحن دائما نضرب المثل بالدول الأوروبية أنهم يطبقون القانون ويحترمون الإنسانية وهي دول نظام، جميعنا نتفق، فهذا شيء نراه ونلمسه عندما نزور دولهم نرى احترامهم للقانون ورقي تعاملهم فما السبب وراء أن شعوبهم تحترم القانون وتطبقه. أعطيك مثالا على ذلك، عندما تذهب إلى فندق من الدرجة الأولى تجد خدمة مميزة ابتداء ممن يفتح لك الباب وهو يبتسم بوجهك مرتديا أفضل الملابس المناسبة، مرورا بجميع العاملين حتى تصل لغرفتك، فما ستقوله عن المكان إنه راق ومنظم، ولكن ما الذي جعله راقيا ومنظما؟! إنها القيمة التي تدفعها فأنت تدفع ثمن هذا الرقي والتنظيم نقودا كثيرة تجعلك مرتاحا بالسكن في هذا الفندق وهذا بالضبط ما يحدث بالدول الاوروبية فاحترام النظام عندهم جاء بعد تطبيق قوانين صارمة وغرامات كبيرة تجعلهم يفكرون ألف مرة قبل تخطي القانون لأنهم يعلمون أن أخطاءهم تكلفهم ميزانية كبيرة، فلا أحد يتجرأ على المخالفات، فأنت من الممكن أن تدفع مبلغا قد يصل إلى 280 يورو لمجرد وقوفك بالمكان غير المخصص للوقوف. يعني ذلك أن احترامهم للقانون نابع من خوفهم من القيمة الكبيرة للمخالفات، فأصبح خوفهم تعودا فباتوا أتوماتيكيا يحترمون القانون، فمن أمن العقوبة أساء الأدب .
ومثال آخر باليابان يعملون طيلة اليوم ولا يرجعون إلى بيوتهم إلا في وقت متأخر، وعندما سئل اليابانيون: لماذا لا تأخذون فترة راحة من العمل وتعودون إلى بيوتكم؟ جاء الرد من 75% من الشعب الياباني أن قيمة استهلاك الكهرباء والماء غالية، وهم ببقائهم بالعمل يوفرون جزءا كبير من فاتورة الكهرباء والماء. إذن خوفهم من القيمة الكبيرة لضريبة الاستهلاك دفعهم للبقاء، إذن مرة أخرى الخوف دفعهم للالتزام.
لكن ومع كل التزامهم ترى الكثيرين في هذه الدول ممن يعجزون عن دفع ضرائبهم أو يضطرون إلى البقاء من دون سكن ليناموا بالشوارع، وهذا شيء ولله الحمد وعلى الرغم من أي مشاكل قد نواجهها في بلادنا، فإننا لا نراه عندنا.