أنوارعبدالرحمن
قابلت الكثير من النساء المحبطات من أزواجهن، يعشن معهم في جو من الهدوء الذي يسبق العاصفة، حياتهن على صفيح ساخن، فأي موقف حتى لو كان بسيطا يُحدث انفجارا للبركان المكبوت من الضغط النفسي الرهيب الذي يعانين منه تجاه الزوج الذي لم يعد وجوده سوى صورة شكلية.
الكثيرات يشعرن بأن هناك خطرا يهدد أسرهن، ألا وهو وجود إنسانة أخرى في حياة الزوج (حبيبة) كما يطلق عليها، تملك قلبه وعقله، وربما يتطور الأمر في يوم من الأيام وتصبح زوجة تنافسها في كل شيء وتصبح لها ندا.
المرأة التي تدافع عن حقوق النساء، وتطالب بإصلاح شأنها وإعطائها مساحة من الحرية في الاختيار، هي في نفس الوقت تناقض نفسها! فالمرأة لا تدمر إلا امرأة مثلها.
النساء المطلقات والأرامل واللاتي فاتهن قطار الزواج وأصبحن في سن العنوسة، يطالبن المجتمع بأن يفك الحصار عنهن، ويتقبل الأمر الشرعي في تعدد الزوجات مثنى وثلاث ورباع، ويشجعه ليتمكن من العيش باستقرار، ويتمتعن بحياة أسرية متكاملة غطاؤها الستر والأمان.
وفي المقابل لو سألنا هؤلاء أنفسهن قبل أن يصبحن مطلقات وأرامل، هل تقبلن بزوجة أخرى في حياة أزواجكن، وهل إذا أصبحتن زوجة ثانية أو ثالثة في حياة أي رجل، فهل تقبلن على أنفسكن أن تأتي أخرى بعدكن في حياة ذلك الزوج؟
فالإجابة بالطبع معروفة، لا.. وألف لا.. وهذه الحقيقة التي تهرب منها جميع النساء، وهناك نماذج كثيرة رأيناها بأعيننا وسمعناها بآذاننا، وأمثلة مؤسفة، فكم أسرة تهدمت بسبب صديقة الزوجة، التي أمنتها على أسرارها وفتحت لها بيتها، فعرفت كل صغيرة وكبيرة عن هذا الزوج، وبدأت تستعمل دهاءها وذكاءها من أجل خطف هذا الزوج الذي شعرت بالإعجاب تجاهه، من حياة صديقتها العزيزة المقربة، وكما يقول المثل القديم «خاويني وأخاويج، وآخذ ريلج وأخليج».
وكم جارة فعلت نفس الحكاية مع زوج جارتها، وأيضا بعض القصص سمعنا عنها عن المقربات من عائلة هذا الزوج اللاتي يضمرن عداء وحسدا تجاه زوجته، فاستخدمن مكرهن وأساليبهن للإيقاع بهذا الرجل وهدم بيته، وإخراج هذه الزوجة من حياته كليا (إن كيدهن عظيم).
وايضا بالنسبة للمرأة التي كانت مسؤولة من زوج ولها بيت وأبناء، وأصبحت في يوم ما مطلقة أو أرملة، وأعلنت عن رغبتها في الزواج، ففي الغالب لن تتزوج إلا بمطلق أو متزوج.
وكلاهما لديه أسرة، إن كان مطلقا فهو مسؤول عن نفقة مطلقته وأبنائه، ورعاية صغاره، وإن كان متزوجا فهو يعتني بأسرة أساسها الزوجة والأطفال، وبالتالي ستكون زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة في حياة هذه الرجل الذي لا تستغني عنه، وهي كما ذكرت في السابق، من كانت تدافع عن حياتها الأسرية وتحافظ عليها، من دخول شريكة أخرى في حياة زوجها، هي نفسها أصبحت تشكل خطرا على حياة امرأة أخرى لها نفس المشاعر والهموم والأهداف.
باختصار: المرأة لا تفهم إلا عاطفتها وفي الغالب هي التي تسيرها باتجاه المواقف اليومية الحياتية، وتعرف ما يؤذيها وما ينغص حياتها وما يحزنها ويسبب الجراح والآلام النفسية لها، ومع ذلك فهي في بعض الأحيان تستخدم هذا السلاح (معرفة نقاط ضعفها ومواقع الضرر) في أن تجرح نفسها وتدمرها.. (في امرأة مثلها).
شي ما شفتوه
على المرأة التي تعرف من أين تجرح وتلدغ، ومن أين تداوي وتطبب، أن تدرك حقيقة الحياة، وأن الثقة الأولى والأخيرة في الله سبحانه وتعالى، ومن دخلت في حياة إنسان رغبة في هدم بيته وتشتيت أسرته لحاجة في نفسها، فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله وكما تدين تدان، وعليها أن تدخل من الباب الذي أمرها الله أن تدخل منه، وأن تعرف أن الحياة لا تقف عند رجل كان قلبه في يوم من الأيام عند غيرها، وصار اليوم لها، وغدا لا تعرف عند من سيكون.