ـ زوجتي الغالية.. يكفيك صمتا، أما آن لك أن تخبريني بسر دموعك الغزيرة؟
ـ دموعي تعبر عن أحزان عميقة في نفسي.
ـ إذن لماذا لا تكلميني عنها، أو أغلقي عليها بالمفتاح؟
ـ وما الفائدة من غلق ملفات من دون حل ولا علاج ولا ضماد.
ـ هل ما زلت تتألمين من ماض مضى مع زمنه وفات؟
ـ ربما تعتقد بأن ما ذهب قد نسي، بينما هو عندي لا يبرح عن موضع الجرح، ولم يكف عن النبض بالألم، خاصة أن الزمان يعيد نفسه، وتتكرر نفس الجراح ولكن مع شخص آخر.
ـ قلت لك مرارا، إن الإنسان بإمكانه أن يتجاهل صوت الأنين، ويتحدى كل ما يعرقل مسار سعادته.
ـ هل تريديني أن أكذب عليك، وأقول لك إنني سعيدة؟!
ـ حبيبتي.. اخرجي من دائرة الأحزان، فلن يكتوي بنارها سواك.
ـ صعب أن يمثل الإنسان دور البطل الذي هزم جراحه، وهي تنزف تحت الجلد!
ـ وما فائدة اجترار الماضي بآلامه ومآسيه؟
ـ الماضي جزء من ذاكرتنا، وأقسى أمر على الذات حينما تكبر عاما بعد عام، على لبنات بعضها ضعيفة، وبعضها قاسية، فلا تدري كيف يكون البناء، أو مقدار تحمل الذاكرة والعقل، لهذا الكم من الضغوط والخذلان، خاصة أن من وضعت به الثقة كي يأخذ بيدي من قاع الأحزان، أدخلني في جوفها مرة أخرى، وبطريقة أخرى.
ـ عزيزتي.. عليك أن تعلمي انك لم تكوني المسؤولة أبدا عن جراح الماضي، أو سبب فشل العلاقة الزوجية بين والديك، أو الانشقاق بينهما، أو تربيتك القاسية والظامئة للحب والأمان، فقد كنت مجرد ضحية لتلك الظروف، صدقيني.
ـ وإلى متى أعيش ضحية؟
ـ لقد كبرت، وتزوجت وأصبحت لك أسرتك الخاصة التي تديرينها بنفسك، ولك بصمتك الواضحة في حياتك المهنية والاجتماعية، كما انك تملكين قلب زوجك، ألا يكفيك هذا كي تكوني سعيدة؟!
ـ ألم تلاحظ انك لم تجب على سؤالي؟ وطوال حديثك معي تتهرب من كل إشارة أوجهها إليك؟
ـ لا.. ولكن...
ـ قل لي لماذا لا تعترف بأنني ضحية أيضا، لوضع مؤلم وقاس اخترته أنت لي؟
ـ أي وضع تقصدين؟
ـ وضع المغفلة.. التي ترى بعينيها خياناتك، ولا تحاسبك، وتسمع بأذنيها خطوات غدرك، وفي نهاية النهار تبتسم لك مجبرة، كي يصمد بناء بيتنا، كي لا ينهار كما انهار بناء عائلتي من قبل!
ـ ما الذي تقولينه أنت؟!
ـ أقول لك.. إن سر دموعي التي تسأل عنها هي أنت!
[email protected]