لست تاجرا ولم أكن يوما باحثا عن الصفقات التجارية في أروقة الوزارات ولكني ومثل جميع الكويتيين أود أن أرى بلدي في مصاف الدول المتقدمة، وتقدم خدمات تتوافق مع رؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله ورعاه، في جعل الكويت درة الخليج كما كانت، ومقالي هذا إنما أود أن أستعرض فيه فكرة أصبحت ضرورة ملحة مع تقدم تكنولوجيا المعلومات والربط الإلكتروني بين جهات الدولة المختلفة.
ولم يعد ترفا استخدام قواعد البيانات وربطها إلكترونيا للاستفادة منها في تقييم الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم على كافة الأصعدة ولعلي أركز هنا على الجانب الصحي كمثال على ما أود أن أطرحه.
ومن الطبيعي وبحكم تواصلنا وعلاقاتنا الأسرية أو المجتمعية نجد أن كثيرا من المواطنين يتم علاجهم بمراكز صحية أو مستشفيات عامة لا يتبعون لها جغرافيا وهذا أمر طبيعي من ناحية وخطير جدا من ناحية أخرى حيث إن المريض قد يصرف له أدوية وعلاجات لا يعلم عنها الدكتور الذي يذهب إليه عند مراجعته لمركزه الصحي أو المستشفى التابع لمنطقته وهذا قد يفاقم المشكلة ولا يحلها، ناهيك عن الأدوية التي يتكرر صرفها للمريض بنفس اليوم لعدم معرفة الطبيب أنه قام بصرفها بالسابق من مركز آخر وهذا سيكلف خزينة الدولة مئات الملايين.
والذي أطمح إليه وأتمناه أن تتبنى وزارة الصحة مشروع الربط الإلكتروني الموحد بين جميع مستشفيات الدولة ومراكزها الصحية ولا يكون الربط فقط بين المرافق الصحية التابعة لمحافظة ما.
إن مشروع الربط الإلكتروني الموحد يجعل التاريخ الطبي للمريض متاحا للطبيب إلكترونيا مما يسهل الاطلاع على الملف الطبي للمريض وتوثيق التحاليل الطبية والصور الإشعاعية والتقارير والأدوية المصروفة وشروحات الأطباء والذي يعطي الطبيب المعالج صورة شاملة عن حالة المريض قبل أن يقوم بصرف أي دواء للمريض وأن يكون الربط حتى بغرفة العمليات مما يساعد في التشخيص المناسب بعيدا عن الأخطاء الطبية والعلاجات غير المتوافقة مع الحالة المرضية وتحسين مستوى الأداء الطبي والإداري على حد سواء.
إن تطبيق هذا النظام يجعل من تبادل محتوى الملف الصحي للمريض بين المرافق الصحية المختلفة بدلا من الملفات الطبية والتي بالغالب لا تكون واضحة لقدمها أو ضياع بعض الأوراق منها، وهو ما يؤدي إلى الحد من المصروفات المهولة التي تتكبدها الدولة جراء صرف الأدوية أو تقديم الخدمات المساندة كالتحاليل المخبرية أو الصور الإشعاعية وخلافه.
ويمكن من خلال الشبكة العنكبوتية الاستفادة من خبرات المستشفيات والمراكز الطبية العالمية عن طريق ربط المشروع إلكترونيا بها مما يجعل المعلومات المتاحة بملف المريض الموحد متاحة لكبار الاستشاريين العالميين الأمر الذي يساعد باتخاذ القرار المناسب بالوقت المناسب.
وأخيرا وليس آخرا إن استخدام مثل هذا المشروع يجعل من المؤسسات العالمية المتخصصة في تقييم ومنح شهادات الاعتماد للمؤسسات الصحية قادرة على منح شهادات معايير القياس والجودة بصورة سلسة وهو ما يصب في مصلحة الكويت في المقام الأول.
إن هذا المشروع ليس ضربا من الخيال حيث إن دول الخليج وعلى حد علمي قطعت أشواطا كبيرة في إنجازه ولكم أن تتصفحوا الإنترنت لتجدوا صدق ما أذكر.
وحسب ما أذكر أن وزير الصحة السابق د.جمال الحربي أفاد بتاريخ 26 مارس من العام الماضي عزم الوزارة على تشكيل لجنة تعنى بمتابعة تطبيق مشروع الربط الإلكتروني بين المرافق الصحية كافة، وأتمنى ألا تلد هذه اللجنة لجانا أخرى وألا يقوم تاجر بتعطيل الأمر كله نكاية في غريمه التاجر الآخر ويقف حال البلد عند الاثنين.
أدام الله من أراد لهذا البلد خيرا، ولا أدام تجار التناحر والحسد.