أدرك وأتفهـــم أسباب امتعــاض بل وغضب بعض أبناء قبائل الكويت العزيزة من الأحداث المؤلمة التي جرت على هامش انتخابات 2008 وانتخابات 2009، تلك الأحداث التي آلمت جميع الكويتيين على مختلف أعراقهم ومشاربهم، وقد حمل البعض أو الأكثرية من أبناء القبائل المسؤولية للسلطة، وقبل أن تهدأ النفوس جراء تلك الأحداث جاء ذاك السباب المتهجم دون أحقية ولا منطق سوي، وأيضا قام البعض بل الأكثرية من أبناء القبائل بتحميل المسؤولية للسلطة.
هذا على الرغم من أن أبناء القبائل لهم ممثلون بالمجتمع هم أمراء وشيوخ ووجهاء القبائل المحترمون المقدرون الذين لهم قنوات اتصال وتواصل مع السلطة يستطيعون من خلالها حل أي مسألة أو مشكلة حتى لو كانت عويصة.
وفي هاتين القضيتين أعتقد جازما بأن الشيوخ والوجهاء بذلوا جهودهم ولكنهم وجدوا حائط سد اعترض مساعيهم ورغبة السلطة بحل هاتين المشكلتين وتمثل هذا الحائط في قانونين أصدرهما البرلمان الأول هو قانون تجريم الانتخابات الفرعية وقانون المرئي والمسموع، ولكن شيوخ ووجهاء القبائل ولكرم أخلاقهم ونبلهم جعلهم يترفعون عن الدخول أو فضح ممثلي القبائل في مجلس الأمة وآثروا مناقشة الأمرين بصورة ودية مع ممثلي أبناء القبائل في مجلس الأمة ولكن دون جدوى، مما جعلنا نرى الشيوخ والوجهاء يلزمون الهدوء والسكينة ويقومون بواجبهم الأدبي والمعنوي في تهدئة أبنائهم وجماعتهم عندما تأكدوا ووثقوا بأن أسباب المشكلتين تكمن في ممثلي القبائل في المجلس، والذين أعتقد جازما بأنهم المستفيدون من استمرارية وجود تلك الأسباب، ولتأكيد هذا فلنرجع بالذاكرة إلى الأحداث المأساوية التي جرت في انتخابات 2008 سنجد أنها أخرجت لنا أبطالا أقسموا على عزل وزير الداخلية ودون أي إشارة أو وعد بإلغاء قانون تجريم الانتخابات الفرعية أو تعديله للقضاء على المشكلة واستئصالها من جذرها.
وكذلك حدث مثله في انتخابات 2009 بل إن تلك الأحداث دفعت البعض لأن يصبحوا أبطالا دون بطولة واقعية وحملتهم للنجاح بعضوية البرلمان فصار من مصلحتهم أن تبقى المشكلة التي أعتبرها بالفعل دق إسفين حقيقي بين أبناء القبائل والسلطة، فأكثر المرشحين لانتخابات مجلس الأمة وخصوصا من بعض ممثلي أبناء القبائل يطالبون الحكومة بتطبيق القوانين وعندما تقوم الحكومة بواجبها يغضب هؤلاء ويتفاعلون مع من بذر بذرة الشر بحق الوطن والسلطة، وقبلهما أبناء القبائل الذين يشاركون في الانتخابات الفرعية، وقام بسقايتها ورعايتها وحرص على ديمومتها لتكون له حجة لتهييج أبناء القبائل أثناء الانتخابات، وفي قضية فارغة كالتي هي مطروحة الآن والتي أدرك بأن من يعمل على تأجيجها ليس من أجل حصانة نائب رفعت عن الكثيرين من قبله وسترفع عن الكثيرين من بعده، وبكل تأكيد ليس من أجل حماية الدستور المحفوظ والمصان من قبل الجميع وعلى رأسهم وفي مقدمتهم صاحب السمو الأمير المفدى، حفظه الله ورعاه، وأعلنها صراحة عالية مدوية «فهؤلاء المتحمسين الذين استطاع بعضهم بذر الأذى والشقاق بوضع قانون تجريم الانتخابات الفرعية هو ذاته الذي يهيج اليوم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله».
أما السباب فهو أيضا جاء كنتيجة لــقـــانـــون المــــرئي والمسموع ذلك القانون الذي جاء من مجلس الأمة وما كنا سنراه أو نســـمع به لولا ذلك القانون الضعيف الذي جاءت الحكومة قبل أيام لتقويه بتغليظ العقوبات بما يضع حدا رادعا لكل من يتهجم على الناس كافة، والمؤسف أن من أقر القانون الأول هم أيضا من قاموا بإقرار الثاني وهم أيضا من سيتصدون بقوة للتعديلات التي تقدمت بها الحكومة على المرئي وسيستمرون في قصة الإعلام الفاسد وما شابه من قصص. وقبل الختام، أود أن أذكر أهلي وعزي وعزوتي من أبناء القبائل التي أتشرف بالانتساب لإحداها ان الذي أقر قانون تجريم الانتخابات الفرعية في مجلس 96 هم السادة النواب الأفاضل في ذلك المجلس، ويأتي في مقدمتهم النائب مسلم البراك والنائب السابق مبارك الدويلة ممثل «حدس»، وكذلك ممثلو جميع الأحزاب والتيارات السياسية المؤتلفة الآن ليبرالية وإسلامية وهم أيضا من سيتصدى لأي تعديل أو إلغاء لقانون تجريم الانتخابات الفرعية وأي تغليظ لعقوبات المرئي والمسموع، لأن هذين القانونين مادة دسمة لإثارة أبناء القبائل وجعل بعضهم من المتحمسين المتألمين من هذين القانونين وقودا لحروبهم المستمرة دون هوادة ومن دون أن نعلم ما هو هدفها وإلى أين يريدون الوصول بنا مع الحفاظ على القانونين. وحقيقة الأمر أن من يريد إنصاف القبائل يجب عليه أن يتحرك لإلغاء قانون تجريم الانتخابات الفرعية أو على الأقل لتعديله بما يسمح لأبناء القبائل بالتشاور لاختيار ممثليهم في البرلمان علما ان انتخابات القبائل الفرعية هي انتخابات ديموقراطية صرفه وليست انتخابات دكتاتورية كانتخابات الأحزاب والتيارات السياسية التي يقوم فيها البعض من قادتهم بالاختيار بالنيابة عن القواعد الذين يعتبرونهم قاصرين ولا يستطيعون اختيار الأفضل ولكن عليهم الانتخاب وعليهم إدارة الحملة الانتخابية ومع ذلك ورغما عنه تجرم انتخابات القبائل وتحلل ويسمح للأحزاب والتيارات بانتخاباتهم... وبعد ذلك يقود بعض نواب القبائل أبناء القبائل ليتحالفوا مع التيارات والأحزاب ليحققوا هم أهدافهم التي لا نعرفها ويستمروا في تعزيز وتثبيت القوانين التي أغضبت وآذت أبناء القبائل.
[email protected]