المتابع لما يجري على ساحة العمل السياسي في الكويت يجد شعارا كبيرا لا يخلو منه حديث سواء في مدح الحكومة أو في ذمها، ومهما كان المتحدث كتلة أو تجمعا أو نائبا أو مرشحا أو صحافيا، فإن الجميع يتحدث عن التنمية ولكن أحدا لا يدفع بها كما يجب ويدعمها عمليا، بل ان المتابع يجد أحيانا من يضع العصي في دولابها، فقد سمعنا من يقول هذه حكومة «ما وراها تنمية»، وآخر يقول إن نسبة الإنجاز في خطة التنمية صفر وغيرها كثير. كل هذا يأتي بالرغم من أن أمانة مجلس الأمة استلمت تقريرا رسميا من الحكومة قبل أسابيع يذكر أن المشاريع المقرة في خطة التنمية للسنة الأولى تم إنجاز 26% منها «بإرساء المشاريع وبدأ العمل الفعلي»، وما يزيد على هذه النسبة بقليل هو في طور إرساء مناقصاته ومع ذلك نجد من يقول ان نسبة الانجاز صفر.
لكن الأدهى والأمر، بل والأنكى. هو المؤتمر الصحافي لأحدهم الذي أعلن فيه حصوله على خطاب موجه من وزير الكهرباء إلى نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وهو المكلف من قبل مجلس الوزراء بمتابعة إجراءات تنفيذ الخطة يشكو فيها من عدم تعاون لجنة المناقصات ويحذر فيها من أن هناك قلقا من ترسية بعض المشاريع على شركات غير متخصصة ما قد ينذر بوقوع كارثة مثل كارثة مشرف وهذه الرسالة طلع فيها السيد الفاضل وراح يتساءل: من هو رئيس الوزراء، وكيف يشكو وزير الكهرباء لجنة المناقصات عند نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ولم يتوجه به للوزير المختص أو يذهب لسمو رئيس مجلس الوزراء، مذكرا بأن هذه الحكومة لها أكثر من رئيس؟
هذا بالرغم من أن الأمر أبسط وأهون من هذه الإثارة الإعلامية لو كان السيد الفاضل لديه بعض المتابعة للشأن العام، فلو كان متابعا لما تساءل كل هذه التساؤلات، فأنا شخصيا ومن خلال متابعاتي البسيطة شاهدت نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية يجمع الوزراء ورؤساء القطاعات المعنية بخطة التنمية مع الجهات الرقابية في الدولة، ورأيته يعمل بجد واجتهاد على تقليص الخطوات والمراسلات وذلك لإزالة العثرات من طريق تنفيذ خطة التنمية وفق البرنامج الزمني المحدد بالخطة، وشاهدت عبر وسائل الإعلام أيضا اجتماع آخر حضره نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في معية سمو رئيس الوزراء والوزراء المعنيين بالخطة ووكلائهم والوكلاء المساعدين يحثونهم فيه ويتوعدونهم على القيام بواجباتهم الواردة بخطة التنمية. كما أن الناطق الرسمي باسم خطة التنمية والمكلف رسميا بمتابعتها نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد وهذا معروف ومعلن للقاصي والداني، ومن خلال هذه المعطيات وغيرها مما لا يتسع المقام لذكره يتضح وبجلاء أن ما ذكره السيد الفاضل ليس بمستغرب بل هو المعتاد وما يجب ولا يدل بأي صورة أو شكل على ازدواج أو مخالفة للقانون أو ما شابه.
هذا على صعيد المراسلة أما على صعيد الكارثة ومطالبته بجلسة طارئة لمجلس الوزراء لبحث الكارثة التي حذر منها وزير الكهرباء فلا أدري أين كان هو من كارثة مولدات الكهرباء التي استوردتها الوزارة على عجل ونقلتها عبر الطائرات ومن ثم تم إلقاؤها في البر بعد أن قامت الكويت بدفع ثمنها، وأين كان من تحذيرات وزير الكهرباء السابق السيد الفاضل جاسم العون من أن الكويت ستواجه كارثة بإنتاج الكهرباء صيف 2003 ولكن واقعيا واجهتنا في صيف 2008؟
وأين هو من كارثة ميزانية التوعية من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء والماء وما جرى من لعب بالمال العام؟ بل أين هو وإخوانه في كتلة «إلا الدستور» من مصاعب الكهرباء والماء في الصيف منذ 2008 ولغاية الصيف الفائت ويبدو أنها ستستمر معنا لصيف القادم على أقل تقدير..؟ ان مشكلة الكهرباء والماء هي قضية أساسية تستحق المساءلة وأن يقف مجلس الأمة والحكومة على رجل واحدة من أجل حلها لأنها تتعلق بالسواد الأعظم من أهل الكويت خلال شهور الصيف ولم يحرك أحد ساكنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وحقيقة الأمر وواقعه أن استخدام الأدوات الدستورية في المعارك الشخصية وتخليص الثارات الشخصية وإهمال استخدامها بالقضايا الأساسية التي تهم الوطن ومواطنيه هي أمور غاية في الغرابة والأغرب منها إهمال جمهور الناخبين لمحاسبة ممثليهم على مثل هذه الأمور الغريبة.
[email protected]