باسل الجاسر
ملاعين هم الاسرائيليون العاملون بحكومة الكيان الصهيوني يخدمون قضاياهم بإخلاص وتفان وشطارة وذكاء وبكل الدهاء، كما ان الاغلبية الساحقة منهم سواء الذين يعملون بالحكومة او الذين خارجها كمواطنين يعرفون اين هي مصلحة وطنهم ويسعون لتحقيقها بفاعلية، ويتجلى هذا في الاستقبال الحافل الذي تم اعداده على شرف رئيس الولايات المتحدة الاميركية، فقد قاموا بزرع شوارعهم وميادينهم العامة بالاعلام الاميركية! علما ان هذا مخالف لتقاليدهم الديبلوماسية ويعتبر من تقاليد دول العالم الثالث ومع ذلك فعلوه رغبة في تأكيد الحفاوة، وقاموا بتجهيز جناح خاص بفندق الملك داود يطل على منظر بديع ساعة الغروب او الشروق على ما أتذكر، ونقش اسم الرئيس بالجناح وعلى الفوط وما شابهه، وأقاموا احتفالات شارك فيها الاطفال يغنون للسلام، وكأنهم مساكين مضطهدون! بل ان رئيس الحكومة الاسرائيلية سيستخدم الزيارة لتعزيز او انعاش شعبيته المتهاوية من خلال هذه الزيارة التي يظهر فيها للشعب رسوخ اواصر الصداقة بين رئيس الحكومة الاسرائيلية والرئيس الاميركي، فالشعب الاسرائيلي يرفض ان تكون قيادته السياسية على خلاف مع اميركا فصداقة اميركا شيء مهم ورئيسي ومحوري لدى الناخب الاسرائيلي وعلى قدر الصداقة وحجمها تكون الشعبية الانتخابية! ويطلق الرئيس الاسرائيلي تصريحا ذكيا بل جهنميا يقول فيه «ان الرئيس بوش هو اكبر حليف لاسرائيل في مواجهة الارهاب» تصريح يرضي الجانب الاميركي ويستفز ويشعر ابطال الكارتون من حماس وأمثالهم بان صواريخهم عديمة الجدوى تكاد تحطم أمن اسرائيل الذي سيتحطم ان لم تدركه اميركا ويدعوهم بشكل غير مباشر لاطلاقها والاكثار منها؟! هذا في العلن اما على طاولة المباحثات فأنا على ثقة بأنهم ضغطوا الجانب الاميركي بطلبات لم يستطيعوا تلبية أكثرها وان اجتهدوا! اي انهم بالعلن هادئون ودودون، والحديث والمطالبات الثقيلة محلها طاولة المباحثات.
اما نحن بالعالم العربي ومنذ الاعلان عن زيارة الرئيس الاميركي لبعض الدول العربية والهجوم لم ينقطع على اميركا واستعدائها وسبها بوسائل الاعلام والفضائيات يتنامى ليشكل مزايدة في مزاد من يرس عليه فلن يدفع درهما بل يبدو انه سيقبض، وتنهال سلاسل طويلة ومعقدة الجميع يطالب ان تقوم اميركا بحلها من دون ان يقدم العرب اي شيء ولو بمطالبة علنية لحماس والقوى الراديكالية الفلسطينية بوقف العبث الذي تمارسه لتخريب عملية السلام وايجاد المخارج لاسرائيل في التملص من الضغط الاميركي والغربي؟! يقال هذا ببطولة وشجاعة واقدام يرافقه لهجة تهديد ووعيد للاميركان لم تنقطع منذ عشرات السنين وهم لا يملكون بالواقع الا الهبرة التي تملأ أفواههم! ويواكبه تخوين لكل من يخالف بالرأي! بل ان بعض الدول التي سيزورها الرئيس الاميركي أطلقت بعض التصريحات النارية وان كنت أدرك انها موجهة للشارع العربي غير الواعي الا انها تجافي الكياسة الديبلوماسية ولا تحقق المصلحة العربية وتساير المتخلفين الذين ضللوا الشارع العربي منذ سنوات طويلة وضيعوا حقوقهم وقدموها للكيان الغاصب على طبق من فضة! ولا حول ولا قوة الا بالله.