باسل الجاسر
أخذ الكثيرون على كتلة العمل الشعبي في مجلس الأمة اختلاف تصويت بعض أعضائها حول بعض القضايا التي طرحت في مجلس الأمة في الآونة الماضية خصوصا حول مسألتي إسقاط القروض أو فوائدها، أو الموقف من استجواب وزيرة التربية، وغيرها من المواقف القليلة التي تباين تصويت اعضاء الكتلة حولها وصارت مدعاة للتندر تارة، وإثارة التنبؤات بانهيار التكتل والشكوك حول مستقبله تارة أخرى.
وحقيقة الأمر ان اختلاف أو تباين تصويت أعضاء الكتلة بين الحين والآخر علامة أو إشارة قطعية الدلالة على حيوية التكتل والحرية التي يتمتع بها أعضاؤه واحترام جم لقناعاتهم، تنبئ بالاستمرارية لهذا التكتل الذي يعتبر جديدا على الساحة إلا أنه قادر على إعطاء دروس في الديموقراطية وعلى ضوء هذه الحيوية أتوقع لهذا التكتل الاستمرارية على الأقل في المستقبل المنظور، كما أنني لا أستغرب هذا الاستهجان الذي صدر من أناس لهم باع طويل بالعمل والتحليل السياسي بسبب هذا التباين ذلك أن معظم الكتل الموجودة على ساحة العمل السياسي بالكويت تعمل بالديموقراطية وتطالب بها إلا أنها لا تمارسها في أروقتها وبين منتسبيها، فداخل التكتل لا يوجد إلا رأي واحد أوحد هو رأي بضعة أشخاص تمثل القيادة العليا ولا يجوز لأي من المنتسبين الاعتراض ولا المناقشة مهما علا منصب المنتسب بل إن الجميع في خدمة هذا الرأي حتى ولو خالف أو تعارض مع قناعة الأغلبية من المنتسبين إلا أنها مجبرة على الانصياع لرأي الأقلية المكشوف عنها الحجاب والتي ترى ما هو بين السطور وخلف الأفق! وبالتالي تستطيع تشخيص مصلحة التكتل أو الجماعة التي ما عليها إلا تنفيذ الاوامر حتى لو كان يتعارض مع أحد الثوابت المعلنة للجماعة! الأمر الذي يجعل الكتل السياسية في هذا الوطن (أغلبها) متحدة الموقف ولا نشهد أي تباين في تصويت أعضائها في البرلمان، اللهم إلا في أحوال قليلة يكون الخارج عن رأي الكتلة أو بالأحرى رأي الجماعة إما مستفيدا كأن يكون بالحكومة أو مطرودا من الجماعة..! لذلك وجدنا هذا الاستهجان والاستغراب الذي اعترى الكثير من محللي الشؤون السياسية الذين اعتادوا أن يكون تصويت الكتلة أو الحزب يصب باتجاه واحد دائما وأبدا..!!
وبالختام أود أن أسجل شكري وتقديري الكبيرين لأعضاء التكتل الشعبي على تسجيلهم لمثل هذه السوابق الديموقراطية العتيدة، والتي حقيقة قلما تحدث في العالم الثالث بينما هي مألوفة بالديموقراطيات المتقدمة، فكثيرا ما يحدث في أميركا مثلا أن يصوت نائب ديموقراطي في خانة الجمهوريين وضد تصويت حزبه في إحدى القضايا والعكس أيضا يحدث.. إذن لقد كانت ممارسة التكتل الشعبي في تباين تصويت أعضائه حول بعض القضايا المحدودة ممارسة ديموقراطية متقدمة، تؤكد أن أعضاءه أحرار ويملكون القدرة على الدفاع عن قناعاتهم ويملكون القدرة أيضا على الاعتراض والاختلاف فكان درسا متقدما في الديموقراطية، قدمته كتلة العمل الشعبي باقتدار رغم حداثة عمر التكتل بالنسبةلعجائز الكتل التي أكل عليها التخلف وشرب وجعلت من الديموقراطية ديكتاتورية في مواجهة منتسبيها فصارت تسوقهم كما تساق الإبل في أحيان كثيرة..! ولا حول ولا قوة إلا بالله.