دلال مدوه
لم يتصور احد ان يشغل هذا العالم الجديد والمعقد، عالم النت والمدونات عقول الاجداد والجدات.
ولم يدر بخلد اي شخص انه سيأتي يوم من الايام ونشاهدهم يتسمرون امام شاشات الكمبيوتر كما يتسمر الصغار، تارة للابحار بين المواقع الالكترونية المتنوعة وتارة اخرى لتبادل البريد الالكتروني مع اهلهم واصدقائهم، او تبحث عنهم فتجدهم وقد حلقوا نحو الماضي البعيد واسترسلوا في كتابة ذكرياتهم الجميلة، او خبراتهم الكثيرة ، أو آرائهم المتنوعة في المدونات.
بعد هذا لن تستغرب نتائج بحث جديد اجراه «مكتب متابعة الانترنت ومشروع الحياة الاميركية» والذي يذكر أن: نسبة مستخدمي الانترنت ممن تجاوزوا 65 عاما قفزت الى 47% منذ عام 2000 وهو اعلى معدل في العالم لمجتمع الانترنت.
ولاتعجب ايها القارئ اذا ذكرت لك قصة وردت في «مجلة العالم الرقمي» عن سيدة اميركية تعلمت استخدام الكمبيوتر عندما بلغت 99 عاما وهي تستخدم الانترنت يوميا لتبادل الرسائل الالكترونية مع احفادها واحفاد احفادها ويبلغ عمرها الآن 101 عام.
ومن القصص الطريفة ايضا ما ورد في موقع arabia gadgets وهي قصة اكبر مدونة في العالم وهي سيدة اسبانية تبلغ من العمر 95 عاما، دخلت الى عالم التدوين في هذا السن بعد ان انشأ حفيدها مدونة كهدية لها في عيد ميلادها، لتبدأ بعدها الجدة في الابحار بلا توقف في دنيا الكتابة.
واذا بحثنا عن السبب في هذا الاندفاع من المسنين نحو هذه التكنولوجيا الجديدة والمعقدة بالنسبة لهم وجدنا الاجابة في دراسة اجرتها «مؤسسة سي سي الدولية لاستشارات الانترنت» على 1000 من مستخدمي الانترنت ممن تخطوا سن الخمسين حيث تبين ان 64% منهم يفضلون الانترنت على التلفزيون، وان بامكانهم ان يعيشوا دون تلفزيون ويكتفوا فقط بالانترنت وذلك لان الانترنت يقدم فرصة كبرى للتفاعل والتوصل مع اطراف اخرى، وهو امر يناسبهم اكثر من الجلوس امام التلفزيون الذي يقدم برامج اكثرها موجهة للشباب.
ونتيجة لتزايد اهتمام المسنين بالانترنت اخذت المنتجعات المخصصة لكبار السن في الولايات المتحدة والدول الاوروبية بتخصيص مراكز لتعليم الكمبيوتر، والانترنت ضمن مرافقها مثل منتجع المتقاعدين في مدينة روزمور في خليج سان فرانسيسكو، حيث يضم هذا المنتجع حوالي عشرة آلاف شخص متوسط اعمارهم 78 عاما، ثلثهم تقريبا يستخدم الكمبيوتر وقد لاحظت بعض الجهات الحكومية والخاصة في اميركا واوروبا ذلك الاهتمام فحرصت على انشاء مواقع خاصة بهم تقدم لهم المعلومات التي يحتاجونها، وتوفر لهم الخدمات التي يطلبونها.
ومما سبق يتضح لنا كيف اهتم الغرب بمحو امية المسنين التكنولوجية وتعليمهم استخدام الكمبيوتر، وفي الوقت الذي مازال يعاني فيه المسنون لدينا من سوء المعاملة والعقوق من ابنائهم، ومن ظلم المجتمع واهماله لهم، فاذا كان الحال كذلك في مجال المعاملة فكيف الحال في مجال محو الامية؟
لا شك ان الحال اسوأ بكثير، حيث ذكرت احصائية حديثة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) صدرت 8 يناير 2006 بمناسبة اليوم العربي لمحو الامية ان عدد الاميين في وطننا العربي يزيد على 70 مليون شخص.
ومن الاحصائية السابقة نلاحظ مدى ضخامة الارقام وان المسألة ليست سهلة وميسرة امام عجائزنا المساكين كما هو الحال هناك، فنحن نحتاج اولا التحرك وبذل الجهود المضنية لمحو امية القراءة والكتابة لديهم، ومن ثم قد نستطيع في يوم من الايام محو الامية التكنولوجية وتعليمهم الكمبيوتر والانترنت.