دلال مــدوه
حدثني أحد الأشخاص قائلا: ذهبت مؤخرا لأداء صلاة الجمعة في مسجد قريب من منطقة سكني، واثناء الخطبة اصابني النعاس واوشكت على النوم، ولولا انني قاومت بشدة لنمت فعلا، وقد حاولت كثيرا ان أركز في الخطبة وأندمج في الموضوع لكنني لم استطع بسبب اسلوب الخطيب وطريقته، وبعد ان حاورته واستفسرت منه عن بعض الأمور خرجت بعدة ملاحظات:
أولا: عدم الاطالة عن الحد الذي يمكن للشخص التركيز عنده، حيث أثبتت الدراسات ان معظم الناس يستوعبون 30% من استماعهم، كما ثبت ان معظمنا يتذكر اقل من 25% مما يصل الى اذنيه لذا فعندما يطول الحديث يلاحظ ان كثيرا من الناس ينصرفون عنه.
ثانيا: من الضروري عدم الحديث بوتيرة واحدة، بل يجب تغيير نبرة الصوت ودرجاته من ناحية الارتفاع والانخفاض، والقوة والضعف، وذلك لجذب انتباه المستمع وابعاد الملل عنه.
ثالثا: عدم تحديد موضوع الخطبة بصورة واضحة، وتهيئة المستمع للانتقال من نقطة لأخرى، يساهم في تشتت الذهن وفقدان التركيز.
رابعا: يجب تقسيم الخطبة الى عدة اقسام: تبدأ بالمقدمة ويذكر فيها الخطيب نبذة عن الموضوع، واهميته، والنقاط الرئيسية التي سيتحدث عنها، وهي مرحلة ضرورية لتهيئة المستمع وجذب انتباهه، والقسم الثاني وهو الموضوع بكل عناصره وما يتضمنه من ادلة من القرآن والسنة، واستشهادات وامثلة توضيحية، وقصص وعبر من الماضي والحاضر، وحكم وابيات من الشعر، وارقام واحصائيات.. وغيرها.
ويعتبر التنويع في اسلوب عرض الموضوع واستخدام العبارات الرقيقة والألفاظ الجميلة والكلمات المؤثرة والتي تتلاءم مع الشرائح المختلفة من المستمعين عاملا اساسيا في نجاح الخطبة وتحقيقها لأهدافها، ولنا في اسلوب القرآن الكريم خير دليل، حيث ذكر فيه العديد من القصص، وضرب فيه الكثير من الأمثال، والتشبيهات.. وغيرها.
والقسم الأخير من الخطبة وهو الخاتمة التي يتم فيها تلخيص كل ما قيل في مجموعة من النقاط الصغيرة وذلك لترسيخ المعلومة في ذهن المستمع.
خامسا: التأكيد على التصرف الايجابي او الاجراء العملي التطبيقي المطلوب من المستمع، فهناك الكثير من الخطباء الذين يخطبون في الناس دون ان يذكروا بشكل واضح ما هو المطلوب من المتلقين تجاه ما سمعوه.
أخيرا أقترح اخضاع الخطباء بصورة مستمرة لدورات تدريبية في فنون الإلقاء، ومهارات العرض والتقديم، واساليب التأثير والاقناع، وكيفية التعامل مع النفسيات والشرائح المختلفة للجمهور.
وفي الختام اعتقد انه من المفيد استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في خطبة الجمعة، كالشاشات الكبيرة وذلك لمشاهدة الخطيب بشكل واضح اثناء الخطبة لمن يجلس في مكان بعيد او في الخارج، او استخدامها كنوع من انواع المؤثرات البصرية من خلال عرض صور او مقاطع ڤيديو ذات علاقة بموضوع الخطبة، او كوسيلة للتسهيل على اخواننا من الصم والبكم عن طريق ترجمة الخطبة الى لغة الاشارة، فضلا عن تدوير الخطباء كل فترة بين المساجد في نطاق المحافظة الواحدة للتنويع في الطرح والاسلوب، وكذلك لجذب الناس الى بعض المساجد شبه المهجورة، او ذات الكثافة القليلة في عدد المصلين.