حدثتني صديقة فقالت: عادت ابنتي من المدرسة حزينة منكسرة، فسألتها عن سبب حزنها؟ فأجابتني باكية: «زميلتي في الفصل عيرتني أمام بقية الزميلات بأن ملابس الرياضة التي ارتديها قديمة منذ العام الماضي» فأجبتها: بأنني أستطيع شراء ملابس جديدة، ولكن ملابسك مازالت جيدة وبالإمكان استخدامها، وهناك من لا يملك المال لشراء الجديد دائما، لذا علينا ألا نسرف بالشراء فقط لمجرد التباهي أمام الآخرين.
وعموما لا تحزني يا ابنتي فسأشتري لك غيرها، وفعلا اشتريت لها ملابس جديدة، ولكنها اقتنعت بكلامي وأبقتها للعام المقبل، وأصرت على لبس القديمة كنوع من التحدي لتلك الزميلة.
وقد فوجئت كثيرا بمقولة الفتاة وأسلوبها، حينما علمت أنها تبلغ 9 أعوام فقط.
كما ذكرت لي صديقة أخرى أنها سافرت مع مجموعة من أهلها، وصديقاتها وبناتهن، وقد رافقتهم فتاة مراهقة مدللة، والدها من الأثرياء، أزعجتهم طوال الرحلة لأنها كانت ترغب دائما في الذهاب للتسوق أكثر من رغبتها في التنزه والرحلات التي يحبها عادة من هم في مثل سنها، كما كانت تتعمد الحديث حول المال بكثرة أمام صديقاتها، وتصر على دخول المحلات الغالية جدا لشراء الماركات الثمينة، لتريهم أنها تستطيع شراء أي شيء تريده مهما كان ثمنه.
وبعد أن استمعت لها، تذكرت قصة شاهدتها في التلفزيون لفتى أميركي يبلغ التاسعة من العمر، وقد كان والداه من أصحاب الدخول العالية، فامتلك الكثير من الألعاب والأشياء الثمينة، وكان يقضي أغلب وقته في لعب «البلاي ستيشن»، والخروج للمطاعم، والمتنزهات.
وفي صباح أحد الأيام، استيقظ الفتي من نومه ليفاجأ بأن والديه قد فقدا أعمالهما، نتيجة الأزمة المالية العالمية، وتمت مصادرة منزلهم، وسياراتهم، وممتلكاتهم كافة.
وهكذا وجدوا أنفسهم يتنقلون سيرا على أقدامهم يوميا بين مراكز إيواء المشردين، حاملين بعض ملابسهم البسيطة في أكياس بلاستيكية، يشتركون مع مجموعة كبيرة من الناس في مكان واحد بلا حرية، أو خصوصية، أو هدوء يساعدهم على الراحة، والنوم، والدراسة.
ونضج ذلك الفتي مبكرا، وتغير خلال أقل من عام ليصبح شخصا آخر، أكثر وعيا وحكمة، رغم صغر سنه، وحينما سألته المذيعة: ما الذي تتمنى أن تحصل عليه في عيد ميلادك العاشر؟ قال: كعكة صغيرة والكثير من الحب.
وتعليقا على القصص السابقة أقول: ان حبنا لأبنائنا لا يعني أن نمنحهم كل ما يريدونه بلا تفكير، فينشأون دون أن يعوا قيمة ما يمتلكون، لأنهم حصلوا عليه بكل سهولة.
بل علينا أن نعلّمهم قيمة المال، ومقدار الجهد الذي بذل في تحصيله، ونوضح لهم كيف يتعاملون معه؟ فينفقونه في أوجهه الصحيحة، دون إسراف أو تبذير، ولا بخل أو تقتير.
[email protected]