يبدو أن رواد الليبرالية في العالم ليس عندهم هم سوى المسلمين، ويعملون بشكل ممنهج وتدرج لافت للنظر، فيصدرون التهم دون دليل، مخوفين الناس منهم، بالإرهاب تارة، وداعش وأخواتها تارة أخرى، وبتفجيرات استخباراتية مكشوفة كما في برجي نيويورك وفرنسا وغيرها، وتصريحات معلبة، وبأساليب إعلامية من بقايا الستينيات.. أكل عليها الدهر وشرب!
ولأنهم ليسوا صادقين ولا جادين فيما يطرحون، تجدهم يبتعدون عن المشكلة الأساس، ويتجهون نحو أمور أخرى، كالديموقراطية العرجاء التي يحمونها في بعض الدول، والتطرف الذي يغذونه، والفتنة التي يشعلونها بين الحين والآخر، ويهربون نحو التضييق على المسلمين فقط، في الوظائف والتعليم والحياة اليومية بشعارات وهمية، كالتنظيم والأمن.. وغير ذلك.
وآخر ما أبدعته تلك الأفكار الماسونية «تأييد محكمة العدل الأوروبية منع ارتداء الرموز والألبسة الدينية في أماكن العمل»، بما فيها الحجاب.. وهو المقصود، واعتبرت المحكمة أن منع الحجاب ليس تمييزا إذا كانت للشركة قواعد داخلية تمنع جميع الرموز الدينية. وهذا مخرج، لأن الحكم أو القرار غير منطقي.
وبالتالي.. فقد أصبح ـ حسب BBC ـ بإمكان الشركات وأرباب العمل في الاتحاد الأوروبي، منع الموظفين من ارتداء أي رمز أو لباس له دلالة سياسية أو فلسفية أو دينية بما فيها الحجاب، وفق قرار أصدرته المحكمة.
ولا أعلم إن كانت الراهبات بحجابهن، وسلسلة الصليب المعلقة على رقاب النساء، والوشوم على أيدي وصدور الرجال والنساء، ستكون مانعا لهم من العمل!
ويعود إصدار هذا الحكم أو القرار، بعد دعوى رفعتها موظفة بعد طردها من عملها في بلجيكا بسبب الحجاب، وتقول إنها تعرضت للتمييز على أساس دينها.
ورغم ان القضية محلية، والقضاء البلجيكي مستقل، إلا أنه تمت إحالتها إلى المحكمة الأوروبية للاستيضاح. وهذا يؤكد نية تعميم القرار أو الحكم لجميع دول الاتحاد الأوروبي، لتكون غطاء قانونيا لهم!
ولترسيخ ذلك قانونيا، قررت المحكمة أن يكون للشركات قواعد داخلية عامة تنص على ذلك. وكأنه توجيه عام لتبني هذا التوجه!
وتأكيدا على ذلك، صرحت مسؤولة في «جمعية مبادرة المجتمع المفتوح» الفرنسية لوكالة رويترز، بأن «التشريعات في أغلب دول الاتحاد الأوروبي تعتبر منع ارتداء الحجاب في أماكن العمل تمييزا، إلا أن قرار المحكمة الأوروبية يقصي العديد من المسلمات من العمل»! وأضافت: أن الحكم «خيب الآمال لأنه يضعف مبدأ المساواة الذي هو جوهر قواعد الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمكافحة التمييز».
لقد أشدت من قبل بقرار ملك بلجيكا قبل 30 سنة تقريبا بدعم الحجاب داخل الشركات والمصانع، لكن يبدو أن الأمور تغيرت، وتراجع الملك الجديد عن ذلك الدعم، ورفع حمايته عن المحجبات، بضغوط حزبية معروفة.
فعلا غريب أمر هؤلاء الليبراليين الذين قلبوا العالم لأجل «غطاء رأس»، اشتهرت به السيدة مريم العذراء عليها السلام قبل الإسلام، فضاقت صدورهم، فأين هي الحرية التي يدعونها، وأين هي المساواة التي يزعمونها؟! إنهم ينطبق عليهم «إذا خاصم فجر».
لكني أبشركم بأن دين الله باق، وسينتشر انتشار الهشيم في العالم، فمن لحق به فاز، ومن فاته الركب خسر.