يقول أحدهم: اشتريت بنطلونا جديدا، وكان بحاجة للتقصير 4 سم، فذهبت للبيت وطلبت من أمي ان تقوم بذلك، فقالت: أنا مشغولة.. اذهب لأختك.
فذهبت الى أختي فقالت انها مشغولة أيضا.
تذكرت أن جارتنا خياطة، فذهبت لها وقامت بتقصيره، وعدت للبيت ووضعت بنطلوني في خزانة ملابسي وخرجت.
لاحظت أختي الصغيرة اعتذار أمي واختي الكبرى عن تقصير البنطلون لانشغالهما، فذهبت وأخذت البنطلون من الخزانة وقامت بتقصيره 4 سم ثم أعادته.
وبعد أن فرغت أمي من أعمالها، حن قلبها علي وأحبت أن تفاجئني، فأخذت البنطلون وقامت أيضا بتقصيره 4 سم، وأعادت البنطلون للخزانة.
وشعرت أختي الكبرى بتأنيب الضمير، فذهبت أيضا وأخذت البنطلون وقصرته 4 سم أخرى.
وتم كل ذلك دون أن أعلم، وفي الصباح اخذت بنطلوني الجديد وكانت المفاجأة، فقد أصبح البنطلون شورتا!
تذكرت وأنا أقرأ هذه القصة حال أمتنا العربية والإسلامية غير المستقرة، فرغم وجود جامعة دول عربية، وقمة إسلامية، ومئات المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية، إلا أننا ما زلنا نعيش المصلحة الشخصية، وطمع القيادة والريادة والرئاسة، وجشع المناقصات والمنح والمساعدات، حتى أخذت تضيق مساحات الاتفاق، وتتسع مساحات الاختلاف، وكل ذلك على حساب الشعوب، وتنمية الأمة.
تفتقد الأمتان إلى «قائد» تلتف حوله ولو بنسبة 50%، وما الاحتلال العراقي للكويت وما نتج عنه من انشقاق (للعرب بالذات) إلا أحد المؤشرات، وما نراه منذ سنوات من تغلغل إيراني لافت للنظر لمعظم الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا وأوربا، مستغلة الضعف المالي لها، وتراجع الدعم الخليجي والعربي عنها، وما نتج مؤخرا من اختراق إيراني في حكم العراق، والقتل الطائفي بشكل غير مسبوق، ودعم إبادة النظام السوري لشعبه ماليا وبشريا ولوجستيا، وإسناد الانقلاب الحوثي في اليمن في حرب أهلية مدمرة، وإشعال الفتنة في البحرين والقطيف، وخلايا التجسس والعبدلي في الكويت، ومسيرات الحج في مكة المكرمة، كلها دلائل على ما تعيشه الأمة من انهيار وتفكك.
نعم.. هناك جامعة عربية، وقمة إسلامية، ومجلس تعاون، وبرلمانات ومؤسسات لا حد لها، إلا أنه في حقيقة الأمر أن كل دولة تعمل وحدها، وترى الحق في نصابها، وكثير منها تعمل بأمر أربابها.
هذا الكم من المؤسسات يفتقد إلى تنسيق جاد و«مخلص»، فعندما يكون فريق العمل فاقدا للتنسيق، فماذا نتوقع النتيجة؟ ستكون النتيجة أن يتحول البنطلون إلى شورت، والمستشفى إلى مستوصف، والجامعة إلى كلية، والثقافة إلى الحضيض، والاقتصاد إلى الأدنى، والغنى إلى فقر، والعلم إلى جهل، والصحة إلى مرض، والرخص إلى غلاء، والديموقراطية إلى ديكتاتورية، والأمان إلى خوف، والاستقرار إلى فوضى، ويتحول الولاء إلى المال، والمال فقط!
نعم.. سيكون هو هذا حال أمتنا العربية والإسلامية ما دام هذا حالنا كأفراد وأسر ومجتمعات ودول، بلا هدف محدد، ولا تنسيق حقيقي، ولا عمل مشترك، وفرض الأمر الواقع، والانشقاق حال الاتفاق، والافتراق حال المصالحة، فماذا أنتم منتظرون؟!
ويا ترى... متى تستفيق الأمة من غفلتها الطويلة؟! حتى لا تتحول أمتنا الكبيرة، إلى أمم صغيرة، بسبب خياطات مستفيضة!