هفوات قد يعتقدها البعض صغيرة لا تستحق، لكن بكثرة تكرارها والاستمرار في التمادي بها خلقت مشاكل ضخمة كبيرة جراء تراكماتها وظلام لياليها، تاركة ذلك الشعور القبيح البشع في نفس متلقيها.
هناك قانون في علم النفس مفاده ان كل ما نراه من الآخرين اثناء تعاملنا معهم، ما هو إلا انعكاس لمواقفنا منهم والتي انعكست إلينا نحن من خلال وجدانهم وما يمثله في حياتهم من بهتان، وفي المقابل يراك هؤلاء الاشخاص متغابيا متجاهلا مرنا مبتسما بشكل دائم لهم.
لذا، فهم يستغربون فيما بعد من ردود افعالك تجاههم غير مبالين بفظاظتهم المعهودة، يعتقدونك مخلوقا من مادة الأسمنت!!
فلكل شخص منا طاقة محدودة يتغابى بها عن زناخة البعض، ويتحمل تسلطهم المتعجرف ونمطهم البرغماتي، يتراخى يتزايل ويلين، لكن في حين نفاد تلك الطاقة سينفجر كالبركان بأحجاره الملتهبة، ليخرج كل ما في جوفه ويصفع به من هو أمامه، فالإنسان بشكل عام عبارة عن كتلة من المشاعر المتأججة والمتوهجة او المشاعر الفياضة الصادقة النابعة من بين اطياف القلب، يعبر عنها بحسب مقتضيات الموقف وبحسب الشخص الذي امامه.
وبالرغم من اننا على يقين من اهمية التواصل وتوطيد العلاقات، كونها حاجة من الحاجات الانسانية الاساسية في حياتنا، فقد نجتهد ونتفنن في استخدامنا لطرق ودية مفعمة بالحب والتقدير والتجاوب والتبجيل، في سبيل تعزيز تواصلنا معهم وبكل تواضع رفيع واندفاع كبير وبجوارحنا الراقية نحاورهم، وبمشاعرنا الجياشة نغدق عليهم بالإطراء والثناء والمديح، لنسمح لهم بأن يكونوا انفسهم.
إلا اننا نلاحظ وجود اتجاهات سلبية، ونشعر بأن هناك مفاهيم ومصطلحات لا تترجم، تسكن قعر صدورنا، تشاركنا شتى لحظات حياتنا، تجعلنا نستشف بأننا اعطيناهم حجما يفوق حجمهم.
إلى ان ظنوا اننا بيدق في لعبة يقودونها هم، لنسير خلفهم مطيعين لهم، وظنهم هذا بحد ذاته يدل على هشاشة فكرهم وسوء نفسياتهم.
يقال، ابسط وجهك للناس تكسب ودهم، إلا مع تلك الفئة للأسف ستكسب سهامهم، والتي ستصيبك خلف ظهرك من قبلهم، لذا حين تسقط تسقط مثقلا لا متفرقا من تلك الهفوات والتفاصيل الموجعة التي ستجبرك على غلق باب كتمانك وصبرك عليهم، ورفع الستار عن مشاعرك التي اخفيتها بداخلك مرارا وتكرارا، خلف ستار مبادرتك وعطاك وسعيك الذي لم يأت مع الأسف بثماره الطيب، كما توقعت منهم.
يقول الأديب والشاعر المصري مصطفى لطفي المنفلوطي، رحمه الله:
الخلق العظيم هو شعور المرء انه مسؤول أمام ضميره عما يجب ان يفعل، ولا يكون الصادق صادقا حتى يصدق في افعاله صدقه في اخلاقه، ولا يكون الرحيم رحيما حتى يبكي قلبه قبل ان تبكي عيناه، وان اكثر الذين نسميهم فاضلين متخلقين بخلق الفضيلة، لا فاضلون!!
لأنهم يلبسون هذا الثوب مصانعة للناس ليس إلا.
ولكن الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة، او يتقي السيئة لأنها سيئة، فذلك من لا نعرف له وجودا، او لا نعرف له مكانا.