أحبتي، من يقرأ أحرفي هل منكم من جرب الكسل اللذيذ الممتع؟ دعوني أصف لكم ما أعنيه. أحيانا كثيرة من يسافر إلى بلد تكثر فيه المشاوير والقهاوي وشاي العصر كما يقولون afternoon tea في أغلى الفنادق التي استفادت من غلاء الاسعار بشكل غير معقول، حيث يدفع الفرد 75 جنيها إسترلينيا على كيس خبز توست قيمته في السوق 75 فلسا يقطع ويحشو بالجبن او البيض او الخيار واللبنة. أما الحلو «فسكون» وهو نوع من أنواع الخبز يفتت بيدك عند قطعه لتمسح عليه زبدة ومربى، والشاي ماي مايوه (يعني خفيف جدا) كل هذا علشان الرزة ومطالع فلان وفلانة وموديلات البشر من شتى أنواع البشر. نعم، انا أعترف عن نفسي، فلقد كنت معهم مرتين أو ثلاث مرات، كل الخليج العربي متوزع على كل الفنادق للجمعة والتحدث ومقابلة الصحبة الطيبة.
ولكن اذا كثرت هذه الطلعات تصبح مملة ومكلفة لبعض المسافرين.
دعتني صديقة غالية على قلبي لشرب الشاي في أحد الفنادق الذي يجب عليك الحجز قبل اسبوع أو أكثر، فاعتذرت منها بحجة أنني مرتبطة، نعم مرتبطة مع الكسل اللذيذ في الشقة مع لبس نفنوف البيت (فستان البيت) القطن الواسع المريح من سوق البلوكات الذي يحتوي الغالي والرخيص المتر بدينار، ويا حلو لبسه، دافي وناعم وواسع ومريح.
أحبتي، ما أكثر ما تعن علينا متعة ممارسة الكسل، كأن تكون لدينا مهمة يتعين علينا انجازها، أو دعوة ليس لنا مزاج حضورها، ولكننا نؤجلها للغد أو إلى ما بعد الغد، لا بقرار نتخذه عن وعي، وإنما لأننا ننساق انسياقا لذلك، كأن الأمر يصدر عن منطقة ما في العقل الباطن أكثر مما يصدر عن الذهن. نعم، احيانا كثيرة نجد ان عدم الارتباط والوقوف ضد الالتزام مـــع الصحبة يعطي نوعا من الحرية الشــخصية بعدم التقيد، وهناك عادة سيئة «عزمني لازم أعزمه» ويصبح الامر مكررا مع نفس الوجوه وليس هناك محاور يستفيد منها الشخص ذاته سوى عرض الملابس والشنط.
ان الكسل اللذيذ هو عدم ارتباطك بأي شيء وانك غير مطالب بشيء على الإطلاق، فتستطيع أن تسترخي، أو تتمشى، أو تقرأ، أو تذهب إلى زيارة قريب أو صديق برغبه منك. إذا لم يتسع الوقت ساعات للكسل في بعض الأيام، فأنت إنسان غير سعيد.
لكم نصيحة أحبتي المتقاعدين خصوصا ومن مازال يعمل: اجعلوا لكم فتره للكسل اللذيذ.
ما يمكن أن يوصف بالكسل اللذيذ، كسل من أدى مهامه على أحسن وجه وبذل من الجهد ما يجعله جديرا بالاستمتاع بوقته. الكسل هنا مشبع بروح الرضا الحقيقي عن النفس، وهو في الوقت نفسه حافز للمزيد من الجهد والمثابرة والإبداع. والحال أنه ليس كسلا إلا من حيث كونه إمساكا عن ممارسة أنواع من الالتزامات التي لم تعد بعينها من الأنشطة المحببة له غير أنه يهيئ بهذا الإمساك لممارسة أنواع أخرى منها يرغب بها وتحقق له المتعة. اما الشباب فطرد الكسل والعمل والمثابرة والتطلع لبناء الحياة المستقبلية لهم. ولاحقين على الكسل الممتع بعد التقاعد. لكم كل الحب والدعاء بالسلامة لنا والعودة للوطن الجميل.