أشرت إلى ان بعض القضايا التي يتعرض لها ضابط المباحث تدخل في إطار المواقف المحرجة أو المضحكة، ولقد تعرضت لعدة مواقف من هذا القبيل.
عندما تبلغ عن معلومة فإنك تأخذها بجدية وتبحث فيها وتقارنها مع ما لديك من معلومات مخزنة بالأرشيف.
عندما كنت بإدارة مكافحة المخدرات دخل مصدر سري إلى مكتبي وأبلغني عن واقعة تحدث في العمارة التي يقطنها بشارع عمان، وانه يعتقد بوجود عملية تبادل للمخدرات والخمور بين رجل وامرأة تحدث بأوقات متفرقة من اليوم، وانه يشاهد تلك الجريمة من نافذة شقته.
اتفقت معه على الحضور إلى شقته في اليوم التالي لأشاهد بعيني ما يحدث، وبينما كنت جالسا بالشقة أنظر من النافذة حضر رجل يلبس البنطلون والقميص ويبدو انه عربي ويقارب عمره الثلاثين عاما وكانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف صباحا، وقام بوضع كيس نايلون يحتوي على غرض ما فوق خزان ماء فارغ في حوش العمارة لتخرج امرأة بسرعة وهي ترتدي الثياب المنزلية وتلتقط الكيس بعد أن غادر الشخص وتلج إلى شقتها الواقعة بالدور الأرضي، كانت الحركة مثار شك لأي شخص واستمرت المراقبة حتى الساعة الواحدة والنصف لتخرج المرأة من شقتها وبيدها كرتون مغلقة وضعته في خزان الماء وعادت إلى الشقة مرة أخرى ولم تمض دقائق حتى حضر ذلك الشاب ليأخذ الكرتون ويغادر المكان دون أن يلتقيا مع بعض وان كان فارق التوقيت بين وضع وأخذ الكيس أو الكرتون لا يتعدى الدقائق.
إذن ما الخطة لمعرفة ما يحويه الكيس أو الكرتون قبل الحصول على إذن من النيابة العامة؟
لقد قررنا أنا واثنان من الزملاء أن نكشف محتوى الكرتون لأن الرجل عندما يضع الكيس فإن فارق الوقت قصير جدا والمرأة تراقب الشخص عند وصوله ولا يكفي الوقت لمعرفة ما بداخله، ولهذا اختبأ احد الزملاء داخل خزان الماء وأنا جلست أراقب من النافذة، أما زميلنا الثالث فطلبنا منه تأخير الشخص من خلال الحديث معه لمعرفه عنوان ما.
وما ان وضعت المرأة الكرتون حتى قمت بمخاطبة زميلي المختبئ داخل الخزان عبر جهاز اللاسلكي وأبلغته بأخذ الكرتون وإخفائه، وعندما حضر الرجل بعد أن عطله زميلنا لفترة قصيرة من الوقت لم يجد شيئا والتفت حول المكان باحثا عن الكرتون وعندما تيقن أن ما يبحث عنه غير موجود غادر على عجالة.
لقد نجحنا في خطتنا وحصلنا على الكرتون لنعرف محتواه ولهذا اتصلت على زميلي المختبئ داخل خزان الماء لأسئله عن محتوى الكرتون فسمعت ضحكاته عبر الجهاز واستغربت لعدم حصولي على معلومة وأنا المتلهف لمعرفة ما بداخل الكيس، فانطلقت مسرعا لأعرف سبب الضحك، وما ان وصلت إلى خزان الماء حتى قام زميلي وهو يضحك بتسليمي الكرتون ومحتواه وفتحته ووجدت بداخله جدرا ساخنا وبداخله رز مع دجاج.
انطلقت التساؤلات لمعرفة الحقيقة، فهل وقعنا في شرك عصابة خطرة شعرت بمراقبتنا فوضعت لنا ذلك الكمين أم أن القضية لا تعدو أمرا ليس له علاقة بالمخدرات أو الخمور؟.
بعد التحري وجمع المعلومات تبين أن المرأة تعشق الشاب الذي يصغرها بفارق عمر كبير وان علاقتهما اقتصرت على قيام الشاب بإحضار اللحم أو الدجاج والمرأة تقوم بطبخها له وهذا ما يسمى بعشق «الأكل».
[email protected]