تتداخل الاختصاصات بين النيابة العامة والتحقيقات في تقييد الجرائم بين قضايا الجنح التي تحقق بها الإدارة العامة للتحقيقات وقضايا الجنايات التي تختص النيابة العامة بالتحقيق فيها رغم أن القانون حدد قضايا الجنح المتخصة بالتحقيق فيها الإدارة العامة للتحقيقات والتي تكون العقوبة فيها الحبس أقل من 3 سنوات، أما التي عقوبتها فوق ذلك فيها من اختصاص النيابة العامة باعتبارها جناية.
كثيرا ما تتداخل تلك القضايا ويبقى ضباط المخافر او المباحث حائرين بانتظار الحصول على التعليمات لإحالة القضية او الشكوى الى جهة الاختصاص، وذلك لعدم وجود لائحة تبين قضايا الجنايات وقضايا الجنح.
ولقد أشار وزير العدل يعقوب الصانع الى ان النيابة العامة ردت أكثر من 1300 قضية وشكوى خلال عام 2015 إلى الإدارة العامة للتحقيقات، حيث الاختصاص وهذا يؤكد مدى التداخل لعدم وجود لائحة لدى وزارة الداخلية تستطيع العمل بها في تسجيل القضايا وإحالتها الى الجهات المختصة.
كما ان الملاحظ ان العديد من القوانين التي صدرت قد خولت النيابة العامة التحقيق بها رغم انها قضايا جنح مثل «قضايا الصحافة - قضايا التهريب الجمركي» ولهذا فإن هذا التداخل يعطل تسجيل القضايا بالاضافة الى انه يؤخر تحرك رجال المباحث لضبط الجناة المتهمين في القضايا.
وحين كنت مديرا لمباحث الأحمدي فقد مرت علينا العديد من القضايا التي كنا نقف أمامها عاجزين عن الحركة بانتظار تسلم إحدى جهات التحقيق القضية لإعطاء الأوامر بإجراء التحريات، وذلك بسبب وجود لبس في تصنيف القضية، فبينما يدعي وكيل النيابة أن القضية قد تكون جنحة لعدم وجود شبهة جنائية يسارع المحقق الى إلقاء المسؤولية على النيابة العامة خاصة حين تكون هناك جثة ويختلف الطرفان في وجود شبهة جنائية من عدمه.
هذا التباين يأتي بادعاء أن الجهة المسؤولة عن تحديد أسباب الوفاة هي الإدارة العامة للأدلة الجنائية والطب الشرعي التي لا تستطيع إعطاء تقرير متكامل إلا بعد معاينة الجثة معاينة دقيقة في مركز الطب الشرعي حتى لا تقع في حرج أمام أجهزة التحقيق.
لذا ما الضير لو قامت الإدارة العامة للأدلة الجنائية والطب الشرعي بمعاينة مسرح الجريمة بناء على طلب من المخفر المختص دون الحاجة لوجود وكيل النيابة أو المحقق مع حقهم في رفع الجثة وعندما يتم التأكد من وجود شبهة جنائية تبلغ النيابة العامة بذلك لاستكمال تكليف الجهات المختصة أما إذا لم تكن هناك شبهة جنائية فيبلغ رئيس التحقيق لاستكمال ملف القضية.
هذا الأمر ينطبق على حوادث السيارات فكثير من الحوادث التي تنتج عنها وفيات تبقى الجثة في موقعها حتى وصول المحقق للسماح للطب الشرعي برفعها وكثيرا ما يتأخر المحقق وتبقى الجثة مرمية في الطريق معرضة لعوامل الطبيعة من حر أو أمطار، ولهذا فإن السماح لرجال الأدلة الجنائية بتصوير الحادث ومسرح الجريمة وبعد ذلك برفع الجثة من مكانها وتقديم تقرير مدعم بالصور الى المحقق سيكون مناسبا وواقعيا لتسهيل الإجراءات.
[email protected]